وقصارى الكلام أن الفتاة لما رجعت بخابية النبيذ سمعت الفتى تنطق ذلك الإسم المشؤوم داندو اسم شرير مشهور ومجرم معروف ثم أبصرت الفتى يميد من شدة السكر ويترنح ويصيح ويضحك ضحكًا شنيعًا ممقوتًا فسطعت الحقيقة لعينيها فسقطت مغشيًا عليها.
فأكب الأبوان وهيعلى ابنتهما المغمى عليها وقد ذهلا عن كل ماعداها وأدنت الأم زجاجة الخل من خياشيم الفتاة وسلط الأب عليها رشاش الصودا فعادت إلى حسها ولكنها لم تعد قط إلى عقلها وإنما أفاقت من تلك الغشية مجنونة!
وماذا صنع الكاذب الغشاش؟ انسل هاربًا من بين الجماعة وهم في شغل عنه بالفتاة فلو بصرته وهو مفلت إذ ذاك أبصرت نذلًا جبانًا ووغدًا خسيسًا يمر كالذي لايبالي بما جرى حوله ولا يحفل قد أمال القلنسوة عجبًا وخرج يميد ويميس خيلاء ويترنم بلحنه السافل الممقوت.
ولما كان الصبي ينظف الحانوت في غد تلك الليلة افتقد من متاع المكان وما عونه شوكتين من الفضة وصحفة من الصفر وطبقًا من الصيني وأبريقًا ولا أحسب القارئ في حاجة إلى معرفة من هو السارق.
أيها السادة هذه قصتي قد قلتها. فإن صلحت عليها نفس فاسدة. وتطهرت بعظاتها من أدران الخبث روح واحدة فقد نلت غايتي. وبلغت أربتي وحسبي أنها تنبه رئيسات المدارس. من غفلتهن. وتصحي التلميذات من سكرتهن. وتبصرهن بأساليب الدهاة المكرة فيعرفنها ثم يجتنبنها. وتفطنهن إلى مسالك الفسقة الفجرة. فيتعلمنها ثم يتحامينها. وتحذر الفتيان مخابث الشره وعواقبه. ومتالفه ومعاطبه وما يجر إليه من العورات والسوآت. والآفات والنكبات. أجل لو أي هذه لدروس أفادت قصتي هذه لكان ذلك حسبي اربي.
4 / 54