168
والمحسود مفشي ومسرور. والحسد رحمك الله أو خطيئة ظهرت في السموات وأول معصية حدثت في الأرض خص به أفضل الملائكة فصي ربه وقايسه في خلقه واستكبر عليه فقال خلقني من نار وخلقته من طين فلعنه وجعله إبليسًا وأنزله من جواره بعد أن كان أنيسًا وشوه خلقه تشويهًا وموه على مثليه تمويهًا نسى به عزم ربه فواقع الخطيئة فارتدع المحسود وتاب عليه وهدى ومضى اللعين الحاسد في حسده فشقى وغوى وأما في الأرض فابنا آدم حسد أحدهما أخاه فعصي ربه وأثكل أباه وبالحسد طوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين فقد حمله الحسد إلى غايته القسوة وبلغ أقصى حدود العقوق فأنساه من رحمته جميع الحقوق إذا لقى الحجر عليه تفادخا وأصبح عليه نادمًا صارخًا ومن شأن الحاسد إن كان المحسود غنيًا أن يوبخه على المال فيقول جمعه حرامًا ومنعه أيتامًا وغلب عليه محاويج أقاربه فتركهم له خصمًا وأعانهم في الباطن وحمل المحسود على عطيعتهم في الظاهر فقال لقد كفروا معروفك وأظهروا في الناس ذمك ليس أمثالهم يوصلون فأنهم لا يشكرون وإن وجد لهم خصمًا أعانه عليه ظلمًا. وإن كان ممن يعاشره فاستشاره غشه أو تفضل عليه بمعروف كفره. أو دعاه إلى نصر خذله وإن حضر مدحه ذمه وإن سئل عنه همزه. وإن كانت عنده شهادة كتمها. وإن كانت منه إليه ذلة عظمها. يحب أن يعاد ولا يعود. ويرى عليه القعود. وإن كان المحسود عالما قال مبتدع لرأه متبع حاطب ليل. ومبتغى نيل. لا يدري ماحمل. قدر ترك العمل. فأقبل على الحيل قد أقبل بوجوه الناس إليه وما أحمقهم إذ انثانوا عليه فقبحه الله من عالم ما أعظم بليته. وأقل رعيته. وأسوأ طعمته وإن كان المحسود ذادِين قال يتصنع أن يوصى إليه. ويحج بشيء عليه ويصوم لتقبل شهادته. ويظهر النسك ليودع المال بيته. ويقرأ في المسجد ليزوج جاره ابنته. ويحضر الجنائز لتعرف شهرته. وما لقيت حاسدًا قط إلا تبين مكنونه بتغير لونه. وتخوص عينه. وإخفاء سلامه. والاقبال على غيرك. والاعراض عنك والاستثقال لحديثك. والخلاف لرأيك وكان عبد الله ابن ابي قبل نفاقه نسيج وحده لجودة رأيه وبعد همته. ونيل شيمته. وانقياد العشيرة له بالسيادة. واذ عانهم بالرياسة وما استوجب ذلك إلا بعد ما استجمع لهم لبه. وتبين لهم عقله وفقد بينهم جهله. ورأوه لذلك أهلًا لما أطاق حملًا فلما بعث الله نبيه ﷺ وقدم المدينة

3 / 28