132
مغضبًا. وقال: أذعر أن أكتب وصيتي أيها الأحمق! أنا لا أذعر من ذلك ولا من الحمام فاغرًا فاه متلعًا جيده. بيد أني لم أكتب وصية قط وما كان ذاك من مذهبي. وكان قد فرغ شرول من غذائه وأخذ يصفر وعاود ترفرتون الكلام فقال بلى ليس من مذهبي أن أورث دانقًا من ثروتي رجلًا من البشر. فإن الأغنياء الذين يتركون وراءهم تراثًا للورثة هم زرعة الشر وغرسة السوء. وإذا كان لامرئ جذوة مروءة تلتهب في قلبه فأردت إخمادها فأورثه مالًا. أو رأيت شريرًا فأحببت أن تزيد شره فأورثه مالًا أوشئت أن تجمع فئة يكون عملها الفساد وشأنها الفسق والفجور والنكر فأورثهم مالًا وسمه إمدادا خيريا. أو كان لك فتاة فوددت أن تزوج من شر الناس طرا فأورثها مالًا. أو أردت بالفتيان والشباب الداهية الدهياء فأورثهم مالًا أو سرك أن تترك الشيوخ مصايد لقاذورات الخليقة وحشرات الأنس وبغاث الناس وأراذلهم فأورثهم مالًا. وإذا أردت أن تقطع الرحم وتفصم عرى المودات وتجذم أسباب القرابات. وتترك حربًا عوانًا بين الابن وأبيه. والأخ وأخيه. والصهر وحميه. ورب البيت وكل من فيه. فاترك لهم مالًا. اكتب وصيتي! تظن أن كراهتي للنوع قد بلغت كل هذا؟ كلا إني وإن كنت قد نزعت في قوس تلك الكراهة فإنه ما زال بعد في القوس منزع. وإن اك قد كرعت في كاس تلكم البغضاء نهلًا وعلا فما اشتففت بعد الصبابة. وما كنت مهما بلغ حنقي على أبناء آدم لأنزل بهم مثل ذلك البلاء! وهنا أخذ المستر ترفرتون الزق وملأ قدحًا فشربه. وأرث شرول النار وقلب عليها فلذة الضأن وضحك في خفية. فسمع ضحكة ترفرتون وقال مغضبًا لمن ترى أيها السفيه أترك ثروتي؟ ألاخي وهو الذي يحسبني وحشًا ضاريًا؟ أم لابنة أخي - القينة الممثلة شمعة المسارح ومحط أبصار الرجال؟ - تلك الابنة التي تشأت على كراهتي فإن لبست على الحداد أسود حالكًا لبس فؤادها السرور أبيض ناصعًا؟ أم لك أترك ثروتي يا أيها القرد في جلدة إنسان! أنت الذي لا تكاد تنفض يديك من تراب قبري حتى تبني حول ذهبي وفضتي مصرف مرابي شره يمتص دماء الناس مع أموالهم وينشب مخلبيه في الأرملة واليتيم والشقي والمنكوب ويترك

2 / 89