============================================================
المبحث الثاني (المحكم والمتشابه في القرآن العظيم بالخالق جل جلاله سوى ذلك لأنه لا يحتاج أن يفعل بواسطة، إذ ليس له أعضاء وجوارح يفعل بها لأنه الغني بذاته، فلا ينبغي أن يتشاغل بطلب تعظيم آدم مع الغفلة عما يستحقه الباري سبحانه من التعظيم بنفي الأبعاض والآلات في الأفعال، لأن هذه الأشياء صفة الأجسام. وقد ظن بعض البله أن الله يمش، حتى توهموا أنه مس طينة آدم بيد هي بعض ذاته، وما فطنوا أنه من جملة مخلوقاته جشما يقابل جسما فيتحد به ويفعل فيه، ومن السحر من يعقد عقدا فيتغير به الشيء حالا وصفة!! أفتراه سبحانه جعل أفعال الأشخاص والأجسام تتعدى إلى الأجسام البعيدة، ثم يحتاج هو في أفعاله إلى معاناة الطين؟! وقدرد قول من قال هذا بقوله تعالى: { إين مثل عيسى عند الله كمئل ء ادم خلقه من تراب ثر قال له كن فيكون [آل عمران /58]4(1).
تأويل قول الله تعالى في حق موسى: ولئصنع على عينى } [طه /39). وقوله تعالى لنوح: وأصنع الفلك بأغيننا} [هود[39]، تجرى بأغيننا} [القمرا14).
وقوله تعالى لسيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم. فإنك بأغينن* [الطور/48]: قال الإمام الفخر الرازي بعد أن ساق هذه الآيات: "واعلم: أن نصوص القرآن المذكورة آنفا - لا يمكن إجراؤها على ظاهرها لوجوه: الأول: إن ظاهر قوله تعالى: ولئصنع على عيني } يقتضي أن يكون موسى مشتقرا على تلك العين ملتصقا بها مستعليا عليها، وذلك لا يقوله عاقل.
الثاني: إن قوله تعالى: ( وأصنع الفلك بأعيننا) يقتضي أن يكون آلة تلك الصنعة هي تلك العين: الثالث: إن إثبات الأعين في الوجه الواحد قبيح.
فشبت: أنه لا بد من المصير إلى التأويل، وذلك هو أن تحمل هذه الألفاظ على شدة (1) ابن الجوزي، دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه (ص/114 - 116).
مخ ۱۴۸