============================================================
143 المطلب الثاني/ التأويل عند علماء السلف والخلف (العرش بالرب استوى)، أمثل من قول من يقول: (الرب بالعرش استوى). فالرب إذا، موصوف بالعلو وفوقية الرتبة والعظمة، منزه عن الكون في المكان وعن المحاذاة".
ثم قال: "وقد نبغت نابغة من الوعاع لولا استزلالهم للعوام بما يقرب من أفهامهم ويتصور فى أوهامهم لأجللث هذا المكثوب عن تلطيخه بذكرهم، يقولون: (نحن نأخذ بالظاهر ونجري الآيات الموهمة تشبيها والأخبار المقتضية حدا وعضوا على الظاهر، ولا يجوز أن نطرق التأويل إلى شيء من ذلك)، ويتمسكون بقول الله تعالى: (وما يعلم تأويله إلا الله}. وهؤلاء والذي أرواحنا بيده، أضر على الإسلام من اليهود والنصارى والمجوس وعبدة الأوثان، لأن ضلالات الكفار ظاهرة يتجتبها المسلمون، وهؤلاء أتؤا الدين والعوام من طريق يغتر به المستضعفون، فأوحوا إلى أوليائهم بهذه البدع وأحلوا فى قلوبهم وصف المعبود سبحانه بالأعضاء، والجوارح، والركوب، والتزول، والاتكاء، والاستلقاء، والاستواء بالذات، والتردد في الجهات، فمن أصغى إلى ظاهرهم يبادر بوهمه إلى تخيل المحسوسات فاعتقد الفضائح، فسال به السيل وهو لا يدري"(1).
وقال الإمام ابن حزم (ت/456 ه) في "الفصل في الملل والأهواء والنحل": "والقؤل الرابع في معنى الاشتواء: هو أن معنى قؤله تعالى: الرحمن على العرش أشتوى) [طه/5): أنه فعل فعله في العرش وهو انتهاء خلقه إليه فليس بعد العرش شيء، وييين ذلك: أن رسول الله ذكر الجنات، وقال: "فاسألوا الله الفردوس الأعلى فإنه وسط الجنة وأغلى الجنة وفوق ذلك عرش الرحمن"(2). فصح أنه ليس وراء العرش خلق، وأنه نهاية جرم المخلوقات الذي ليس خلفه خلاء ولا ملاء؛ ومن أنكر أن يكون للعالم نهاية (1) نقله عنه الحافظ السيد مرتضى الزبيدي الحسيني الحفي في "إتحاف السادة المتقين في شرح احياء علوم الدين" (108/2 -109).
(2) رواه البخاري في صحيحه (125/9) (رقم/ 7423)، وأحمد في مسنده (335/2) (رقم/8400)، والترمذي في سننه (4/ 675) (رقم/ 2530) وغيرهم.
مخ ۱۴۳