============================================================
مقدمة المحقق/ ترجمة الإمام الحافظ ابن الجوزي الحتبلي يزدلم ألمه، وهذه طريقة السلف(1).
فأما من قال: الحديث يقتضي كذا ويحمل على كذا، مثل أن يقول (2): استوى على العرش بذاته، وينزل إلى السماء الدنيا بذاته، فهذه زيادة فهمها قائلها من الحس لا من النقل.
ولقد عجبت لرجل أندلسي، يقال له: ابن عبد البر، صنف كتاب "التمهيد"، فذكر فيه حديث النزول إلى السماء الدنيا، فقال: لهذا يدل على أن الله تعالى على العرش، لأنه لولا ذلك لما كان لقوله: "ينزل" معنى"(3). وهذا كلام جاهل بمعرفة الله (2)، لأن هذا استسلف من حسه ما يعرفه من نزول الأجسام، فقاس صفة الحق عليه، فأين هؤلاء وأتباع الأثر؟! ولقد تكلموا بأقبح ما يتكلم به المتأولون، ثم عابوا المتكلمين: واعلم أيها الطالب للرشاد، أنه قد سبق إلينا من العقل والنقل أصلان راسخان، عليهما أمر الأحاديث كلها: أما النقل: فقوله: ليس كمثليه شي* [الشورى /11]، ومن فهم هذا لم يحمل وصفا له على ما يوجبه الحس.
وأما العقل: فإنه قد غلم مباينة الصانع للمصنوعات، واستدل على حدوثها بتغيرها ودخول الانفعال عليها، فثبت له قدم الصانع"(5).
(1) الصواب: (بعض الشلف) لأن البعض الآخر قد ثبت عنهم أنهم أولوا المتشابه، وسيأتي كلامهم في المبحث الثاني من هذه المقدمة (ص /131 -144).
(2) أي المجسم لله تعالى عن قوله.
(3) انظر: ابن عبد البر، التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (129/7).
(4) والغريب العجيب من ابن عبد البر كيف يقول هذا الكلام، وقد نقل هو عن الإمام مالك بن أنس أنه أول لاحديث النزول" بنزول الملك بأمر الله تعالى، حيث قال في "التمهيد لما في موطأ الإمام مالك من المعاني والأسانيده (143/7). "وقد روى محمد بن علي الجبلي وكان من ثقات المسلمين بالقيروان، قال: حدثنا جامع بن سوادة بمصر، قال: حدئنا مطرف، عن مالك بن أنس، أنه سئل عن الحديث: "إن الله ينزل في اللئل إلى سماء الدثيا"، فقال مالك: يتنزل أقره".
(5) ابن الجوزي، صيد الخاطر (ص/98 - 99).
مخ ۱۱