============================================================
1262 مفاتيح الآسرار ومصابيح الآبرار الأسرار وروي عن امير المؤمتين علي -رضي الله عنه - خطبة في خلق ادم -صلوات الله عليه -بعبارات جامعة لجميع الروايات تزرى بالدرر المنظومة واللآلى المكنونة. قال: "نم جمع سبحانه من حزن الأرض وسهلها وعذبها وسبخها تربة سنها بالماء حتى خلصت، ولاطها بالبلة حتى لزبت؛ فجبل منها صورة ذات احناء ووصول، واعضاء وفصول، اجمدها حتى استمسكت، وأصلدها حتى صلصلت لوقت معدود وأجل معلوم، نم نفخ فيها من روحه؛ فمثلت إنسانا ذا اذهان يجيلها، وفكر يتصرف بها، وجوارح يجتدمها، وادوات يقلبها، ومعرفة يفرق يها بين الحق والباطل والأذواق والمشام والألوان والأجناس، معجونا بطينة الألوان المختلفة، والأشباه المؤتلفة، والأضداد المتعادية، والأخلاط المتباينة، من الحر والبرد والبلة والجمود والمساءة والسرور. واستادى الله الملائكة وديعته لديهم، وعهد وصيته إليهم، في الاذعان بالسجود له والخشوع لتكرمته؛ فقال: (أشجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس) وقبيله، اعترتهما الحمية، وغلبت عليهم الشقوة، وتعززوا بخلقة النار، واستوهنوا خلق الصلصال؛ فاعطاه النظرة استحقاقا للسخطة واستتماما للبلية، وانجازا للعدة؛ فقال: إنك من المنظرين إلى يوما (499) الوقت المعلوم."1 وسو آخر: أن التنزيل قد يخبر عن خلق آدم - عليه اللام - شخصه كما قال تعالى: (هل اتى على الإنسان حين من الدهر)؛ وقد يخبر عن النوع والذرية كما قال تعالى: (إنا خلقنا الانسان من نطفة): وقال: (ولقد خلقنا الانسان من شلالة من طين)؛ فتارة تكون النطفة من إنسان وتارة يكون الإنسان من نطفة؛ وإذا قلت كل إنسان من نطفة وكل نطفة من إنسان، صار الأمر دائرا ودورا؛ فيتوقف وجود كل واحد منهما على التاني، وذلك محال؛ فلابد إذن من الانتهاء إلى واحد من الطرفين، وما ينتهى إليه فهو المبتدا به، والابتداء بالأكمل منهما يكون وهو الانسان، وما تحقق له مبدأ تحقق له كمال؛ فالمبدا في خلق الإنسان على لسان الشرع بأدم، والكمال شخص آخر، وذلك هو الخط المستقيم؛ وعلى لسان الفلسفة يكون الأمر دورا: فلايكون ثم مبدأ وكمال هو الدائر المستديم.
ثم إن الشرع نهانا عن التفحص عما قبل أبينا آدم -عليه اللام - أكانوا من نوع الإنسان أو ليتهنل
مخ ۳۲۸