235

============================================================

فسير سورة البقرة169 تلك الحدود لتعطلت الحركات والمكاسب، وبطلت المعاونات والممانعات في المطالب: ولابد لتلك الحدود من واضع يضعها بإذن الله، وشارع يشرعها بأمر الله؛ ولابد لذلك الواضع الشارع من نائب ينوب عنه في كل زمان وخليفة يخلفه في كل أوان؛ والنائب يجب أن يكون متبتأ لحق المنوب عنه لا مبطلا حقه؛ ففي التمانع والتعاون صلاح العالم، وفي التخاذل والتجادل فساد العالم: وشر الناس من يأتي هؤلاء بوجه1 وهؤلاء بوجه؛ ولما كان المنافقون متخاذلين بالفعل، متجادلين بالقول، كانوا مفسدين في الآرض؛ وكان خداعهم المؤمنين خدعا لأنفسهم وما يشعرون؛ وكان إصلاحهم بالنفاق إفسادا ولكن لايشعرون: ومن كان في قلبه مرض الشك والعناد فكل إصلاحه لنفسه إفساد، وكل إرشاده غيره تضليل، وكل استكثاره من الباطل تقليل.

وسر آخر: الافساد في الأرض على وجوه، ومنشأها اتباع الهوى: والأصلاح في الأرض على وجوه، ومنشأها اتباع الأمر؛ وشر وجوه الفساد الكفر والنفاق، وخير وجوه الصلاح الإيمان والإخلاص. فقد أخبر الله تعالى على لسان نبيه -صلى الله عليه وآله -عن سرائرهم بالنفاق والخداع، وماهم عليه من مرض الشك والنزاع حتى ظهر صدقه عندهم حقا. ثم أمرهم بالصلاح ونهاهم عن الفساد: فركنوا إلى الهوى، ورغبوا عن متابعة الأمر ، فقالوا: "إنما نخن مصلحون): ولماكان إصلاحهم ذلك بهواهم، كان إصلاحهم إفسادا في الأرض؛ ولو خلي الانسان وهواه، ونفسه وما يهواه لكان ما يفسد من حال نفسه أكثر مما يلح، ولغيره أن يهلكه بهواه؛ إذ حكم الهوى: وكان قولهم: (إنما نخن مصضلخون) في م قابلة نص النهي، كقول اللعين الأول: (أنا خير منعه في مقابلة نص الأمر. قال الله تعالى: ألا إنهم هم المفسدون) مطلقا من كل وجه، وفي كل مكان، وعلى كل حال، أنفسهم وغيرهم، في الحال والمال.

ليتهنل

مخ ۲۳۵