228

============================================================

1162مفاتيح الآسرار ومصابيح الآبرار عرف البواطن فمن خادعه فإنما يخدع نفسه. قال عطاء عن ابن عباس: يخادعون الله وهو علام الغيوب، ومايخدعون إلا أنفسهم؛ لأنه سبحانه يعلم ما يكون قبل أن يكون. وروي عن علي -رضي الله عنه - في حق عمربن الخطاب -رضي الله عنه -: "هو أفطن من أن يخدع وأكرم من أن يخدع." (445) واختلف القراء في قوله: (وما يخدعون). فقرأ ابن كثير ونافع وأبوعمرو بالألف(446)، وقرأ أبو جعفر وعاصم وحمزة والكسائي بغير ألف. فمن قرأ بالألف فكأنته على مطابقة الفظ لما تقدمه: ومن قرأ بغير ألف وهو اختيار -67آ أبى عبيد فهو ظاهر المعنى: وقد قيل: إن هذا الفعل لماكان أغلبه لايقع إلا بين فاعلين أجري على العادة في مثله، فقال: (وما يخادعون إلا أنفسهم).

وقوله (وما يشعرون) أي وما يعلمون أنهم هم المخدوعون وخداعهم يرجع عليهم بالعذاب؛ وقيل: وما يعلمون أنهم مغلوبون؛ وقيل: ما يشعرون أن الله تعالى يطلع نبيه -صلى الله عليه وسلم -على اسرارهم؛ والشعر ضرب من العلم، والشعور الآدراك.

(الأسرار] إن الله تعالى لما بين حال المنافقين أنهم يقولون: أمنا بالله وباليوم الآخر وماهما بمؤمنين، أبان أن فعلهم ذلك خداع، وان وبال خداعهم عليهم؛ وذلك يضرهم ولاينفعهم: وربعا لم يقصدوا مخادعة الله لكن لما قصدوا مخادعة النبي -صلى الله عليه وآله -فقد خادعوا اله، كما أن من يطع الرسول فقد أطاع الله، والرسول إذكان نائبا عن الله فمن خادعه فقد خادع الله، ومن آذاه فقد آذى الله، ومن حاربه فقد حارب الله، كما أن من نصره فقد نصر اله، ومن أحبه فقد أحب الله، ومن بايعه فقد بايع الله؛ وعلى هذا المنهاج تجري أمثال هذه الألفاظ، وكثيرا ما نجد في القرآن من فعل فعله رسول الله قد أضافه الله إلى نفسه، وقال: (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى*، ومن فعل فعله الله أضافه إلى رسوله، قال: (وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذنى). وقال في حق إبراهيم - عليه اللام - (فحذ أربعة من الطير) الآبة: ولهذا صح أن يقال من لم يقل: "محمد رسول ليتهنل

مخ ۲۲۸