============================================================
146/مفاتيح الأسرار ومصابيح الأبرار فرض القرآن الرد إلى المعاد؛ وإن من أمن بما أنزل يجب أن يوقن بالآخرة؛ فذلك هو النظم في قوله تعالى: (والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون).
وسر آخر: أن الخصال المذكورة أشعرت بترتب وتفاضل؛ فالخصلة الأولى هي التقوى، والخصلة الأخيرة هو الإيقان بالآخرة، وهو الكمال؛ وبين التقوى والايقان مراتب؛ فالتقوى زلت منزلة السلالة، والإيقان بالآخرة نزل منزلة الخلق الآخر؛ وكما أن الجنين في أطوار الخلقة مسلم لملك الأرحام حتى يعطيه كمال الاعتدال في المزاج، ثم يرقيه من درجة الاعتدال إلى درجة النمو، ثم إلى درجة الحس والحركة الاختيارية، ثم إلى درجة التخيل ، ثم إلى درجة قبول النفس الناطقة، ثم إلى درجة قبول العقل، ثم إلى درجة قبول الأمر، كذلكلا المخاطب في أطوار التكليف يجب أن يكون مسلما لشارع الأحكام حتى يعطيه كمال الاعتدال بالتقوى، ثم يرقيه من التقوى إلى الايمان بالغيب وهو النبي، ثم إلى إقامة الصلاة لا وهو الحس والحركة، ثم إلى الإنفاق من الزكاة وهو الخيال، ثم إلى الإيمان بالقرآن وهو الناطقة، ثم الإيمان بالكتب السابقة وهو العاقلة، ثم إلى الإيقان بالآخرة وهو الأمر: (والأمر يؤمئن لله ). فحصلت الخصال الدينية مترتبة في مراتبها، مقدرة على المراتب الخلقية في أطوارها، وقد قال جعفربن محمد الصادق -عليه السلام -: "إن الله تعالى أسس دينه على مثال خلقه ليستدل بخلقه علي دينه وبدينه على وحداتيته."11 وسر آخر: أن الله تعالى قرن بين الهدى والفلاح في قوله: (أولئك على هدى من ريهم -59ب- وأولئك هم المفلحون) ليعلم أن الفلاح والنجاة بالهدى، وأن الهدى في القرآن، فهو للمتقين هدى، وذلك في كون الشريعة؛ وللمفلحين الناجين هذى وذلك في كون القيامة: فقرن بين الهدى في الدنيا والفلاح في الآخرة ليعلم أن من طلب الهدى والنجاة في غيره ضل1؛ وذلك رد على أهل الكتاب؛ ولقد كان في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم - من المخالفين ل ل ا ا ا المذكورين.
1. بعد هذه الجملة بباض في الأصل بقرب من سبعة أسطر، وكتب على الهامش: "كذاكان في نسخة الأصل"".
ليتهنل
مخ ۲۱۲