وفي 14 أيار (6 رمضان) صباح الأحد انتخب الأمير بشير نحو ألفين من عسكره فرسانا ومشاة من أهل الشوف والمناصف والمتن وبينهم الزحليون، ومن عسكر عبد الله باشا الدالاتية والهوارة، فهجم بهم على المزة هجمة واحدة وهدم أسوار البلدة، وكانت من لبن وامتلكها وأحرقها، وفر عسكر دمشق منه بعد أن قتل منه نحو مائتين وخمسين وأسر خمسمائة، وغنموا ذخائرهم وأسلحتهم. وكان ممن يحمل العلم اللبناني كل من يوسف الحاج شاهين وعبد النور الششم من زحلة، وهو أول علم لبناني مسيحي حمل إلى خارج لبنان، وكان من الألاوز (نوع من الحرير) ذا لونين أحمر وأخضر وفي أعلاه حربة في رأسها صليب. ولما هجم اللبنانيون وفي مقدمتهم الزحليون قتل بعضهم في هذه الموقعة، ومنهم إلياس حنا ضاهر من زحلة، وكان شابا فارسا شجاعا. ويقال إن أبا حبيب يوسف السكاف من قاطع زحلة وأبا درويش سمعان الصدي تبعا عسكر دمشق المنهزم، وأخذا رايته وعادا بها إلى المعسكر، فسر الأمير كثيرا بالزحليين. وتعجب لما أخبره وكيله أنهم عند مرورهم على جسر دير زينون في البقاع، لم يقبلوا ذخائر منه كما قبل غيرهم من العسكر اللبناني فأثنى عليهم. وعاد إلى المعظمية منصورا، وأطلق الأسرى اللبنانيين المنحازين إلى عسكر دمشق، وأرسل الباقين وكانوا 120 إلى عكاء، فسر بهم عبد الله باشا وأرسل يهنئه بظفره، وكان يود الدخول إلى دمشق ولكنه عاد إلى بيت الدين غانما، فهنأه شعراؤه بقصائد رنانة مثل قول المعلم بطرس كرامه الحمصي من قصيدة طويلة في موقعة راشية:
ويوما أقبلت رايات قيس
يقدن الخيل تعترك الحبالا
بشبان يرون الموت عزا
وشيب طالما اقتحموا النزالا
ونصر الله صاحبها يمينا
وآي العز قارنها شمالا
أقام بسفح راشيا خميسا
تخاف الدهر سطوته منالا
فأضرم في ذراها نار حرب
ناپیژندل شوی مخ