56

The Shafi'i School of Thought on Worship and its Evidences

مذهب الإمام الشافعي في العبادات وأدلتها

خپرندوی

دار السلام

شمېره چاپونه

الثالثة

د چاپ کال

۱۴۲۴ ه.ق

د خپرونکي ځای

القاهرة

ژانرونه

فقه شافعي

-سبب وجود الحسبة فى الإسلام:

إن الإنسان وإن كان مدنيًا بالطبع، لا تتم مصالحه إلا بالتعاون مع أفراد جنسه، إلا أنه مفطور على جلب المنافع لنفسه ودفع المضار عنها، وذلك كثيرًا ما يؤدي إلى الإضرار بغيره حينما تتعارض المصالح، ويعبر عن هذا التعارض في المصالح بـ (تنازع البقاء). وقد صح عنه عليه السلام أنه قال: (ماذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لهما من حرص الرجل على شرفه وماله لدينه). ولذا لابد لبني الإنسان من آمر مطاع يأمر بالمنافع وينهى عن المضار، كما قال تعالى سورة آل عمران آية ١٠٤: ﴿ولتكن منكم أمةٌ يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون﴾. فاقتضى ذلك وجود الحسبة، إذ هي من متطلبات المجتمع وضرورياته كما رأيت.

والخلاصة: فإن الدين الإسلامي راقب الإنسان في جميع أحواله: فصحح عقيدته، وقوم عبادته، وشرع معاملته، وهذب أخلاقه، ووجهه إلى العلم، وخفف من طغيان تنازع البقاء من نفسه، فكون منه أمة كانت خير أمة أخرجت للناس، ولما تم له ذلك نزل قوله تعالى في سورة المائدة آية ٣: ﴿اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيتُ لكم الإسلام دينًا﴾. وقد ورد في الصحاح: (أن اليهود قالت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: إنكم تقرؤون آية لو نزلت فينا لاتخذناها عيدًا، فقال عمر: إني لأعلم حين أنزلت وأين أنزلت وأين رسول الله حين أنزلت، أنزلت يوم عرفة، وأنا والله بعرفة في يوم جمعة - في حجة الوداع - يعني: اليوم أكملت لكم دينكم). دين ختم الله به الأديان السماوية، فلم يغادر صغيرة ولا كبيرة من مقومات الحياتين إلا بينها بأجلى بيان، شهد بسمو مبادئه وغزارتها الكثيرُ من غير المسلمين، من ذلك:

مانقلته مجلة نور الإسلام في عددها الممتاز عن جريدة المقطم المصرية الصادرة في ٢٧ يونيو (حزيران) ١٩٣٥ م تحت عنوان: (وزير مسيحي يصف الشريعة الإسلامية) قالت: قال الأستاذ فارس الخوري أحد وزراء سوريا المسيحيين في إحدى الاحتفالات التي أقيمت بدمشق إحياء لذكرى مولد النبي عليه الصلاة والسلام: (إن محمدًا أعظمُ عظماء العالم، ولم يجد الدهر بعد بمثله، والدين الذي جاء به أوفى الأديان وأتمها وأكملها، وإن محمدًا أودع شريعته المطهرة أربعة آلاف مسئلة - علمية، واجتماعية،

54