وقال آخرون: مضارتهما أن يمنعا من استقلالهما ويكلفا الكتابة والشهادة في وقت يشق ذلك عليهما.
وإنما أوجب هذا الاختلاف أن قوله تعالى: {ولا يضار} يحتمل أن يكون تقديره "ولا يضار" (بفتح الراء)، فيلزم على هذا أن يكون الكاتب والشهيد مفعولا لما لم يسم فاعلهما، وهكذا كان يقرأ ابن مسعود بإظهار التخفيف وفتح الراء، ويحتمل أن يكون تقديره "ولا يضارر" (بكسر الراء) فيلزم على هذا أن يكون الكاتب والشهيد فاعلين، وهكذا كان يقرأ ابن عمر بإظهار التخفيف وكسر الراء.
وأما الاشتراك العارض من قبل تركيب الكلام وتناقض بعض الألفاظ على بعض فإن منه ما يدل على معان مختلفة متضادة، ومنه ما يدل على معان مختلفة غير متضادة، فمن النوع الأول قوله تعالى: {وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن} قال قوم: معناه وترغبون في نكاحهن لمالهن.
وقال آخرون: إنما أراد وترغبون عن نكاحهن لدمامتهن وقلة مالهن، ولكل من القولين شاهد في كلام العرب وله أمثلة كثيرة في القرآن وكلام العرب.
وأما التركيب الدال: على معان مختلفة غير متضادة فكقوله تعالى: {وما قتلوه يقينا} فإن قوما: يرون الضمير في (قتلوه) عائدا إلى المسيح - عليه السلام - ، وقوما: يرونه عائدا إلى العلم المذكور في قوله تعالى: {ما لهم به من علم إلا اتباع الظن} فيجعلونه من قول العرب: "قتلت الشيء علما".
مخ ۵