وزعم طائفة من الموحدين أنه لا نسخ في القرآن ولكنه ناسخ لغيره، وغيره نسخ بعضه بعضا.
ورد عليهم: بظاهر قوله تعالى: {ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها} فإن لفظ الآية متى أطلق انصرف إلى آيات القرآن العظيم. وأيضا: فقد نسخ بعضه بعضا، فلا وجه للقول بخلافه، فمن ذلك قوله تعالى: {كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين} نسخ منه الإيصاء للوالدين بآية الإرث، وقيل: بحديث «لا وصية لوارث».
ومن ذلك: قوله تعالى: {وعلى الذين يطيقونه فدية} قيل: نسخ بقوله - سبحانه وتعالى - : {فمن شهد منكم الشهر فليصمه}، وقيل: غير منسوخ لكن يقدر حرف النفي، أي: على الذين لا يطيقونه.
ومن ذلك: قوله - عز وجل - : {كما كتب على الذين من قبلكم} فإنه قيل: منسوخ بقوله: {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسآئكم}؛ لأن مقتضاه الموافقة فيما كان عليهم من تحريم الأكل والوطء بعد النوم.
ومن ذلك: قوله - عز وجل - : {يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه} زعم الطبري عن عطاء بن ميسرة أنه منسوخ بقوله تعالى: {قاتلوا المشركين كآفة}، قال القطب: وليس كذلك عندي.
ومن ذلك: قوله - عز وجل - : {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول}، فإنه منسوخ بقوله: {يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا}.
مخ ۳۹