وفي جواز وبيان إنكار اليهود له والرد عليهم ثم إنه أخذ في بيان أحوال الرسل، فقال:
... فلم يزل ثانيهم ... ينسخ ما ... جاء به من قبله ... تقدما
أي: لم يزل آخر الرسل ينسخ بعض الأحكام التي جاء بها الرسول الذي قبله، كما وقع ذلك لكثير من الرسل، فمن ذلك أن الله أحل لنوح - عليه السلام - حين خرج من السفينة ولمن معه ولذريته كل دابة ولم يحرم عليهم الخنزير، ثم حرم يعقوب على نفسه الجمل فكان حراما، وحرم على اليهود كل ذي ظفر، وشحوم البقر والغنم إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم، قال تعالى: {كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين} ومن ذلك أن آدم - عليه السلام - كان يزوج الأخت من الأخ، وقد حرم بعد ذلك على موسى - عليه السلام - ، ومن ذلك أن عيسى - عليه السلام - أحل أشياء حرمت على بني إسرائيل، وذلك كالشحوم والثروب، وبعض السمك وهو ما له حرشفة، وبعض الطير وهو ما له منها صيصية، ولحم الإبل، والعمل في السبت، فقد أحل ذلك لليهود من عهد الإنجيل، وكان عيسى - عليه السلام - على حكم التوراة يستقبل بيت المقدس، ويعتبر السبت، /18/ ثم رفع السبت بأمر الله ووضع الأحد مكانه، قال تعالى حكاية عن عيسى - عليه السلام - : {ومصدقا لما بين يدي من التوراة ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم} وليس النبي يحل الحرام من قبل نفسه، لكن يحله بأمر الله له بذلك.
مخ ۳۴