قلنا: لا نسلم أن حمد الحامد يدل على أن مطلوبه تلك النعمة التي حمد الله عليها فقط، بل يكون الحمد لأجل حصول تلك النعمة، ويكون لأجل امتثال الأوامر بالثناء عليه تعالى. وأيضا : فلا نسلم أن طلب العبد لنعمة الله ورحمته مقام نازل بل ذلك أعلى المقامات، {قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون}، وليت شعري أي شيء يحاول هؤلاء بمقالتهم الشنيعة، كأنهم لا يرون رحمة الله ونعمته شيئا، فأي فضل ورحمة بعد ذلك يريدون، ولعل هذا الفريق صنف من الصوفية التاركين للمحمدية، الساعين في هدم الإسلام، فنعوذ بالله من الضلال بعد الهدى.
المسألة الثالثة: كيف يجب الإتيان بالطاعة؟
حكى الفخر الرازي: "أنه قيل للسري السقطي: كيف يجب الإتيان بالطاعة؟ قال: إني منذ ثلاثين سنة أستغفر الله عن قولي مرة واحدة "الحمد لله". فقيل: كيف ذلك؟ قال: وقع الحريق في بغداد واحترقت الدكاكين والدور، فأخبروني أن دكاني لم يحترق، فقلت: "الحمد لله"، وكان معناه أني فرحت ببقاء دكاني حال احتراق دكاكين الناس، وكان حق الدين والمروءة أن لا أفرح بذلك، فأنا في الاستغفار منذ ثلاثين سنة عن قولي: (الحمد لله).
قال الفخر: فثبت بهذا أن هذه الكلمة وإن كانت /16/ جليلة القدر، إلا أنه يجب رعاية موضعها.
مخ ۳۰