قلنا: ليس الحمد جاريا مجرى مقابلة نعمة الله تعالى على جهة المكافأة والجزاء، وإنما هو جار مجرى ذلك على جهة الامتثال للأوامر./15/ وبيان ذلك: أن ربنا تعالى أمرنا أن نقابل نعمته بالتحميد له، فتحميدنا إنما هو امتثال لذلك الأمر لا مكافأة على النعمة الصادرة عنه تعالى، بل هو الغني الكامل. وأيضا: فليس الحمد بقليل بل الحمد كثير.
يجب أن يعلم أن للحمد مع الله منزلة عظمى، فلا يصح أن يقال له قليل. روى الفخر في تفسيره عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إذا أنعم الله على عبده نعمة، فيقول العبد: "الحمد لله"، فيقول الله تعالى: "انظروا إلى عبدي أعطيته ما لا قدر له فأعطاني ما لا قيمة له"».
الوجه الثاني: قالوا: إن الاشتغال بالشكر لا يتأتى إلا مع استحضار تلك النعم في القلب، واشتغال القلب بالنعم يمنعه من الاستغراق في معرفة المنعم.
قلنا: لا نسلم أن الاشتغال بالشكر لا يتأتى إلا عند استحضار تلك النعم، بل يمكن أن يكون شاكرا ولو لم يستحضر النعم في ذهنه.
مخ ۲۸