ثم رأيت تمامه منوطا بشرح يوضح مرامه، ويزيح إبهامه وينشر أعلامه، أقرن فيه المسألة بدليلها، وإن تكن مقيسة سعيت في تأصيلها وتعليلها، وإن تكن مشكلة أو مجملة اجتهدت في تحريرها، وأخذت في تفصيلها كل ذلك على حسب الإمكان لقصد البيان؛ فإن وجدت لغيري في ذلك ما يشفي اكتفيت به، إذ السعيد من بغيره يكتفي، وسميت هذا الشرح: «معارج الآمال على مدارج الكمال».
اللهم اجعله لي عندك ذخرا، وأثبني عنه أجرا في الدار الأخرى، وأعوذ بك أن يكون حظي منه قول يقال، أو جاه في هذه العاجلة ينال ، فأنت حسبي ونعم الوكيل.
[ مقدمة
فيما يفيد طالب هذا الفن ]
وهذه مقدمة نذكرها أمام المقصود لقصد الإفادة، فنجعلها في أربعة فصول:
الفصل الأول:
في الخلاف الواقع بين الناس في الأديان والمذاهب
قال أبو القاسم الراغب: "جميع الاختلافات بين أهل الأديان والمذاهب على أربع مراتب:
الأولى: خلاف بين أهل الأديان النبوية، وبين الخارجين عنها من الثنوية والدهرية، وذلك في: حدوث العالم، وفي الصانع تعالى، وفي التوحيد.
والثانية: الخلاف بين أهل الأديان النبوية بعضهم مع بعض، وذلك في الأنبياء: كاختلاف المسلمين والنصارى واليهود.
والثالثة: الاختلاف والمختص في أهل الدين الواحد، بعضهم مع بعض في الأصول التي يقع فيها التبديع والتفجير، كالاختلاف في شيء من صفات الله تعالى، وفي القدرة، وكاختلاف المجسمة.
الرابعة: الاختلاف المختص بأهل المقالات في فروع المسائل، كاختلاف الشافعية والحنفية.
- فالاختلاف الأول: يجري مجرى متنافيين في مسلكهما، كآخذ طريق المشرق، وآخذ طريق المغرب، وآخذ طريق ناحية الشمال، وآخذ طريق ناحية الجنوب.
مخ ۲