معارج الآمال على مدارج الکمال بنظم مختصر الخصال
معارج الآمال لنور الدين السالمي- حسب الكتب
ژانرونه
فقال جعفر: قد كان اعتمادك من قبل على السفينة والملاح، ثم على اللوح حتى ينجيك، فلما ذهبت هذه الأشياء، عندها أسلمت نفسك للهلاك أم كنت ترجو السلامة بعد؟ قال: بل رجوت السلامة. قال: ممن كنت ترجوها؟ فسكت الرجل. فقال جعفر: إن الصانع هو الذي كنت ترجوه في ذلك الوقت، وهو الذي أنجاك من الغرق، فأسلم الرجل على يده.
قال: وجاء في ديانات العرب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعمران بن حصين: كم لك من إله؟ قال: عشرة. قال: فمن لغمك وكربك ودفع الأمر العظيم إذا نزل بك من جملتهم؟ قال: الله. قال - عليه السلام - : «ما لك من إله إلا الله».
قال: وكان أبو حنيفة سيفا على الدهرية، وكانوا ينتهزون الفرصة ليقتلوه، فبينما هو يوما في مسجده قاعدا إذ هجم عليه جماعة بسيوف مسلولة وهموا بقتله فقال لهم: أجيبوني عن مسألة ثم افعلوا ما شئتم. فقالوا له: هات. فقال: ما تقولون في رجل يقول لكم إنى رأيت سفينة مشحونة بالأحمال، مملوءة بالأثقال، قد احتوشها في لجة البحر أمواج متلاطمة، ورياح مختلفة، وهي من بينها تجري مستوية ليس لها ملاح يجريها، ولا متعهد يدفعها، هل يجوز ذلك في العقل؟ قالوا: لا، هذا شيء لا يقبله العقل. فقال أبو حنيفة: يا سبحان الله، إذا لم يجز في العقل سفينة تجري في البحر مستوية من غير متعهد ولا مجر، فكيف يجوز قيام هذه الدنيا على اختلاف أحوالها، وتغير أعمالها، وسعة أطرافها، وتباين أكنافها من غير صانع وحافظ؟ فبكوا جميعا وقالوا: صدقت وأغمدوا سيوفهم وتابوا.
مخ ۱۳۰