اجتنابهما، لأن البيت الحرام والمشاعر طُهِّرت بالِإسلام من الأوثان وغيرها.
فأعملَم اللَّهُ ﷿ أن هذين من شعائره وأنه لا جُناح في الطوافِ بينهما وأن من تطوع بذلك فاللَّهُ شاكر عليم.
والشكر من الله ﷿ المجازاة والثناءُ الجميل، والحج والعمرة يكونان
فرضًا وتطوعًا - والطواف بالبيت مجْراهُ مجرى الصلاة إِلا أنه يطوفُ بالبيت الحاجُّ والمعتمر، وغيرُ الحاجِّ والمعتمر، ومعنى قولهم حَجَحْتُ في اللغة قَصَدْتُ، وكل قاصدٍ شيئًا فقد حَجَّهُ، وكذلك كل قاصدٍ شيئا فقد اعتَمرهُ، قال الشاعر:
يحجُ مأمومةً في قَعْرِها لَجَفٌ. . . قَاست الطبيب قَذاها كالمغاريدِ
وقال الشاعر في قوله اعتمر أي قصد:
لقد سما ابن معمر حينَ اعتمرْ. . . مغزىً بعيدًا من بعيدٍ وضَبَر
* * *
وقوله ﷿: (فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا).
أي لا إثم عليه، والجُناح - أُخِذَ من جنح إِذَا مال وعدل عن القصد وأصل
ذلك من جناح الطائر، و(أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا) فيه غير وجه: يَجوز أن يطَوَّف وأن يُطَوِّف، وأن يطُوف بهما، فمن قرأ أن يُطَوِّف بهمَا أراد أن يتطوف فأدمِغت التاء في الطاء لقرب المخرجين، ومن قرأ أن يُطَوِّف بهما فهو من طَوَّف إِذا أكثر التَّطواف. . .
وفي قوله ﷿: (وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا): (وجهان).
إِن شئتَ قلت (وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا) على لفظ المضِى ومعناه الاستقبال لأن