ومن الناحية الأخرى، حضر إلى إيروان النواب محمد على ميرزا، الذى رجع من رحلة الهجوم على النحو الذى وضح. ونظرا لأخبار الأراجف، التى سمعها عن معسكر نائب السلطنة، ثارت فى جنباته عروق الفتوة وحنان الإخوة، وعزم على الركوب دون إرادة منه وأصدر الأمر إلى جمع أفواج الجند، فأرسل أولا حسين خان القائد والحاكم العسكرى لإيروان مع الجيش فى سرعة وعجلة كاملتين كالسيل الجارى، وتحرك هو على التعاقب، وعندما وصل إلى المعسكر العالى، فإنه كان قد نقل وحول ملتزمى الركاب من مضيق شعاب الفراق إلى صحراء كوكجه الصافية، وكان قد نصب سرادقات الشوكة والنصرة ورفع حجاب الكلفة عن العقول. ولا جرم أنهما سعدا لعدة أيام فى تلك الساحة الخلابة بزيارة بعضهما البعض وانشغلا بمعاشرة شاهد عشرتهما.
ووجد النواب محمد على ميرزا الإذن بالانصراف من خدمة الأخ ورجع إلى إيروان، وقصد على الفور الموكب العالى، واسترد كثيرا من الأسرى، الذين كانوا فى يد الجيش المنصور، وبذل زيادة كبيرة فى مقابل ذلك الإنعام الذى سوف يكون طوق تلك المنة وحق تلك النعمة حتى نهاية القيامة على روح العبد الحر، ومن هناك أحضر مبعوثى" طور مصوف" الذين كانوا مكلفين فى هذه الفترة إلى تبريز، وأمر بأن يسيروا إليه مقترنين بالخلعة والإنعام والرعاية.
وبعد فترة، وجه [ولى العهد عباس ميرزا] النواب محمد على ميرزا مع جيش أبواب جمعه طبقا للأمر السلطانى إلى البلاط الملكى، وتوقف هو بنفسه فى إيروان من أجل تنظيم أمور القائد حسين خان وانهاء تجهيزات دار السلاح وتخزين القلعة بالقدر الذى كان لازما.
ولما انقشعت سحابة جيش الصيف، واقترب وقت برودة الهواء ووصول الشتاء، طلب من حضرة الهمايون بألا يسافر الموكب المنصور [ص 226] فى المشقة والتعب أكثر من هذا وبأن لا يحمل وجوده المبارك أساس الرحمة، مشقة التعب، وبأن يوكل ويرجع خدمة هذا الإقليم، الذى هو أمر غير جدير أمام همة أولياء الدولة، إلى حراس ومحافظى الإقليم نفسه، وهم جميعا الذين أوقفوا أرواحهم على الطاعة ورءوسهم فى طريق الخدمة.
مخ ۲۶۸