المقدمة
إن التوقيعة الملكية الغراء الممجدة، التى تفوح برائحة الورد والعنبر الطيبة على ساحة الأرض من عطر طرة جماله، والديباجة البديعة البيان الممدوحة التى تزين أيضا أذن وعنق الفلك من شعاع جواهره الرصيعة، موشحتان ومزينتان باسم مسمى الملكية. وحيث خلق جسد آدم الطاهر من حفنة تراب باقتضاء الحكمة البالغة فى دار صنع لا ريب فيه، وبعد أربعين صباحا من تخمير وتشريف اليد الإلهية وشأبيب الرحمة على تلك التربة، سمح للئلاء الروح، وهى الجوهر المجرد من تطرق الحوادث وسنوح السوانح، بتزيين العالم واستحسان حكمه فى قالبها الحيوانى، ولأنه [أى الله عز وجل] أعطى إذن الحكم لأعاظم ملوكه فى ملك البدن، وعمر ذلك القصر الملكوتى بوجود عشرة خدام لكل بدن من ذوى المفاخر الذين يدعون قواه الباطنية والظاهرية، التى تفتح عقود الأسرار بغلبة المعرفة وتمييز الحق من الباطل، وتظهر طائر فهمه بجناح التجرد على شرفة إيوان الزاهدين. وثانى تلك الأثنية والمحامد أنه عمر تحفة سيد الكائنات وتاج الموجودات وناثر بلاط ملك الأولياء وفخر الأوصياء وآله وأولاده «1»، الذين هم السحاب الممطر والأسود الغادرة وكواكب السماء وشموس الرفعة وباعثو وجود النجوم والأفلاك ومزينو عرش الماء والطين حتى أرضت ريح الصبا فى كل سحر صانع العطور والبلبل من عشق الورد.
مخ ۲۹