وكان يقتبسون النار بعضهم من بعض مسيرة ستة أشهر، وكانت المرأة إذا أرادت أن تجتني من أي ثمارها شاءت، وضعت مكتلها على رأسها وخرجت تمشي تحت الثمار وهي تغزل وتعمل ما شاءت فلا ترجع حتى تملأ مكتلها مما شاءت من الثمار التي يتساقط عليها طيبا، وكان الملك على أرض مأرب يسمى سبأ، وسمي بذلك؛ لأنه أول من أدخل السبي اليمن وإلا فاسمه عبد شمس، وكان له من الأولاد عشرة، سكن الشام منهم أربعة، وهم: لخم، وجذام، وغسان وعاملة، وسكن اليمن منهم ستة وهم: كندة، ومذحج، وطي، والأشعر، وهمدان، [وأنمار].
وقد ذكر الله -تعالى- تمزيقهم في كتابه، حيث قال:{لقد كان لسبإ في مسكنهم }...الآية [سباء:15] إلى قوله [تعالى] :{ومزقناهم كل ممزق }[سباء:19] واختلف في العرم، فقيل: هو السد واحدته عرمة، وقيل: العرم الجرذ.
وكان السد فيما يقال قد بناه لقمان الأكبر، وكان صفة حجارة السد بالرصاص قدر فرسخ طولا وفرسخ عرضا، ويقال: إن الذي بناه كان من ملوك حمير.
وقد ذكر ذلك الأعشى وذكر فساده، بقوله:
وفي ذلك للمؤتسى أسوة
ومأرب عفى عليه العرم
رخام بنته لهم حمير
إذا جاء موراه لم يرم
يروي الزروع وأعنابها
على سعة ماءهم إن قسم
فصاروا أيادي لا يقدرون
منه على شرب طفل فطم
وأما خمر: فهو في هذا التأريخ قرية كبيرة متسعة قد دخلتها، وصار أكثرها خرابا، ولأهلها رئاسة مشهورة في بني صريم.
وأما تلقم: فوقفت أنا على خط السيد صارم الدين يذكر أنه قصر بريدة، وهي مدينة بأعلى البون.
مخ ۱۶۴