قال المسعودي: وقد رأيت نوعا من هذه الحيات ببلاد خوزستان، ولها رأسان تكون في الرمل، وفي جوف التراب، فإذا أحست بإنسان أو غيره من الحيوان، وثبت من موضعها أذرعا كثيرة فضربت بأحد رأسيها إلى أي موضع الحيوان فمات من حينه.
قالوا: فأمرت تلك الملكة، فحمل لها حية من تلك الحيات، فلما أن كان في اليوم الذي علمت أن أغطيطس يدخل قصرها أمرت بأنواع الرياحين والزهر أن تبسط في مجلسها، وقدام سريرها، وجلست على سريرها، ووضعت تاجها على رأسها، وعليها ثيابها وزينتها، وفرقت حشمها، فاشتغلوا بأنفسهم، وقربت يديها من الإناء الذي فيه الحية، فضربتها فماتت مكانها، وخرجت الحية من الإناء، فلم تجد جحرا، ولا مذهبا تذهب فيه لإتقان ذلك المجلس بالرخام والمرمر، فاستترت بين تلك الرياحين، ودخل أغطيطس حتى انتهى إلى المجلس، فنظر إليها جالسة والتاج على رأسها، فلم يشك أنها تنطق، فدنا منها، فتبين أنها قد ماتت، وأعجب بتلك الرياحين، فمد يده إلى كل نوع منها يلتمسه، ولا يدري ما سبب موتها، وهو متأسف على ما فاته منها، فبينا هو كذلك إذ قفزت الحية، فرمته بسمها، فيبس شقه الذي ضربته.
فعجب من قتلها لنفسها، ثم ما كاد ته به من إلقاء الحية بين الرياحين، وملك بعده عدة من ملوك الروم، حذفت ذكرهم ميلا إلى الاختصار إذ هو مذكور في التواريخ الكبار.
مخ ۱۴۶