[ذكر طرف من أخبار الروم]
وأما الروم فقد ذكر أهل الأخبار أن الله سبحانه لما أراد ذهاب ملك اليونان أيد عليهم ملك رومية، وهو أغطيطس، وكان أول من سمي بقيصر، وإليه ينسب القياصرة، وسمي بذلك لأن أمه ماتت وهي حامل به فشق بطنها عنه، ومعنى قيصر: بقر وكان هذا الملك يفتخر بأن النساء لم تلدنه، ولا ثنتين وأربعين سنة من ملكه ولد عيسى المسيح -عليه السلام-،واسم قيصر قد صار يطلق على ملك الروم، كما صار اسم كسرى يطلق على ملك الفرس، وتبع على ملك حمير، وقد أشار إلى ذلك بعض من له عناية بأخبار العالم وملوكهم، فقال:
الدار داران إيوان وغمدان
والملك ملكان ساسان وقحطان
والأرض فارس والإقليم بابل
والإسلام مكة والدنيا خراسان
والجانبان العنيدان اللذا حسنا
منها بخارى وبلخ الشاه داران
قد أثبت الناس جما من مراتبهم
فمرزبان وبطريق وطرخان
والفرس كسرى وفي الروم القياصر
والحبش النجاشي والأتراك خاقان
قالوا: ولما قهر أغطيطس بقية اليونان، وكان آخرهم في عصره ملكة أتفق له معها حديث ظريف؛ لأنه ما زال يعمل الحيلة في أخذها لعلمه بحكمتها فراسلها فعلمت مراده منها، وقد وترها في قتل زوجها، فطلبت الحية التي تكون بين الحجاز ومصر والشام، وهي نوع من الحيات تراعي الإنسان، حتى إذا نظرت إلى عضو منه قفزت أذرعا نحوه كالريح، فلم تخط ذلك العضو بعينه فتتفل فيه سما، فيأتي عليه، ولا يعلم بها لموته فورا ويتوهم الناس أنه قد مات فجأة حتف أنفه.
مخ ۱۴۵