147

فهل يكون في الممكن إلا أن يتعصب البشر كلهم مع هذا الشخص، وهل تستطيع القلوب إلا أن تحبه[وتهواه] وتذوب فيه، وتفنى في عشقه انتصارا [له] وحمية [من أجله، وأنفة مما ناله، وامتعاضا مما جرى عليه] وهذا مركوز في الطباع ومخلوق في الغرائز، كما تشاهد إنسانا قد وقع في ماء عميق وهو لا يحسن السباحة، فإن الناس في الطبع البشري يرقون عليه رقة شديدة، وقد يلقي قوم[منهم] أنفسهم[في الماء] نحوه يطلبون تخليصه، لا يتوقعون على ذلك مجازاة بمال منه أوشكر أو ثواب أيضا في الآخرة، فقد يكون فيهم من لا يعتقد أمر الآخرة، ولكنها رقة بشرية، وكأن الواحد منهم يتخيل في نفسه أنه[ذلك] الغريق.

هذا خلاصة ما ذكره ابن أبي الحديد وهو أمر محسوس تدعو إليه الطبيعة البشرية، أوردته لمناسبته ما ذكره السيد صارم الدين من ميل الدنيا عن علي -عليه السلام-، وقد أحسن مهيار حيث قال في هذا المعنى:

مالي لم أسبق إلى الغنم

قسم الرجال وأغفلوا قسمي

الجهد لي والحق عندهم

أظمأ ويروى معشر باسمي

ما هذه أولى معاتبة

وقضية للدهر في ظلمي

مخ ۲۴۰