يقع به الفعل الذي عمل في الأول تقول: ما لقيت أحدًا إلا حمارًا فيصح أن تقول: لقيت حمارًا. وكذلك ما مر بي أحد إلا غزالًا يصح أن تقول: مربي غزال ولا يصح أن توقع التكليم بالرمز فنقول: كلمت رمزًا كما تقول: كلمت زيدًا.
وقال في قوله تعالى: (تعالواْ إلى كلمةٍ سواءِ بيننا وبينكمْ ألَّا نعبدَ إلا اللهَ) أن في موضع خفض بدل من كلمة وإن شئت في موضع رفع على إضمار مبتدأ تقديره: هي أن لا نعبد، ويجوز أن تكون مفسرة بمعنى أي على أن تجزم نعبد ونشرك بلا، ولو جعلت أن مخففة من الثقيلة رفعت نعبد ونشرك وأضمرت الهاء. انتهى كلامه.
وأقول أغرب الوجوه التي قد ذكرها في إعراب نعبد وما عطف عليه الجزم، قال الزجاج: لو كان أن لا نعبد إلا الله بالجزم ولا نشرك لجاز على أن تكون أن مفسرة في تأويل أي ويكون "لا نعبد" على جهة النهي والمنهي هو الناهي في الحقيقة كأنهم نهوا أنفسهم. انتهى كلام أبي إسحاق. وأقول إن النهي قد يوجهه الناهي إلى نفسه إذا كان له فيه مشارك كقولك لواحد أول لأكثر: لا نسلم على زيد ولا ننطلق إلى أخيك، وكذلك الأمر كقولك: لنقم إلى زيد ولتنطلق إلى أخيك كما جاء في التنزيل: (ولنحملْ خطاياكمْ) .. وليس لمكي فيما أورد من الكلام في هذه الآية زلة وإنما ذكرت ما ذكرته فيها لما فيه من الفائدة.
1 / 53