دون زمان فبقي أن يعمل فيه المضمر الذي هو أذكر وإن شئت قدرت احذروا يوم تجد كل نفس فنصبته نصب المفعول به كما نصبته في تقدير أذكر على ذلك.
وقال قوله تعالى: (آيتكَ ألَّا تكلمَ الناسَ ثلاثةَ أيَّامٍ إلا رمزًا) قوله إلا رمزًا استثناء ليس من الأول وكل استثناء ليس من جنس الأول فالوجه في النصب. انتهى كلامه.
وأقول: إن إلا في قوله: (إلا رمزًا) إنما هي لإيجاب النفي كقولك: ما لقيت إلا زيدًا فليس انتصاب "رمزًا" على الاستثناء ولكنه مفعول به منتصب بتقدير حذف الخافض فالأصل: أن لا تكلم الناس إلا برمز أي تحريك الشفتين باللفظ من غير إبانة بصوت فالعامل الذي قبل إلا مفرغ في هذا النحو للعمل فيما بعدها بدلالة أنك لو حذفت إلا وحرف النفي استقام الكلام، تقول في قولك: ما لقيت إلا زيدًا، لقيت زيدًا، وفي قولك: ما خرج إلا زيد، خرج زيد. وكذلك لو قيل: آيتك أن تكلم الناس رمزًا كان كلامًا صحيحًا وليس كذلك الاستثناء في نحو: ليس القوم في الدار إلا زيدًا وإلا زيد فلو حذفت النافي والموجب فقلت: القوم في الدار زيدًا أو زيد لم يستقم وكذلك ما خرج إخوتك إلا جعفر، لو قلت: خرج إخوتك جعفر لم يجز وكذلك الإستثناء المنقطع نحو: ما خرج القوم إلا حمارًا، لو قلت: خرج القوم حمارًا لم يستقم فاعرف الفرق بين الكلامين ثم أقول إن المستثنى الذي من جنس الأول يصح أن
1 / 52