ويرد أمين الخولي: «لقد ذكرت لأعضاء الوفد السعودي رغبتك في القيام بزيارة المدينة المنورة وسيبلغوننا بما يمكن تدبيره اليوم، ولكن قصيدة الشيخ متولي الشعراوي وحديث الدكتور هيكل عن منزل الوحي يذكرانني بالقصيدة البديعة الطويلة، خمسة وأربعين بيتا، التي نظمها الشاعر حسن عبد الله القرشي، ويقول فيها:
مرحبا في منازل الوحي كم ضاءت رباها بسيد المرسلينا!
إنها مشرق الرسالة مهد النور قدما ومشرع الواردينا
إيه طه حللت أهلا وعذرا ألا يكون القريض معينا
فيك سر القرون من أمة العرب تتحدى الدهاة والجاحدينا»
ويقول طه حسين: «أعود فأستغفر الله لهم جميعا، وأستغفره لنفسي أيضا.» •••
وفي اجتماع اللجنة الثقافية في جدة، يقول طه حسين: «هؤلاء العرب الذين خرجوا من جزيرتهم هذه، وليست لهم في الحضارة سابقة، ولا حظ لهم من العلم إلا ما علمهم الله في كتابه الكريم؛ خرجوا فوجدوا حضارات كثيرة قوية بعيدة الأثر في الحياة الإنسانية، متنوعة مختلفة الألوان والفنون والعلوم، فلم يمض عليهم إلا قرن واحد حتى كانوا قد أساغوا كل هذه الثقافات، ثم لم يكتفوا بإساغتها وتمثلها، وإنما أخذوا يضيفون إليها ويزيدون فيها ويضيفون إلى كنوز الإنسانية في العلم والمعرفة كنوزا ... ثم لم يكفهم هذا حتى أشركوا فيه الإنسانية كلها، ثم لم يستأثروا لأنفسهم منها بشيء، وإنما أشركوا الأمم التي كانت تستظل بظلهم فيه، اتخذوهم أول الأمر معلمين، ثم أصبحوا لهم أساتذة ومعلمين، ثم أصبحوا لهم إخوة يدعونهم إلى الخير، ويستعينون بهم على الحق، ويجدون معهم في إغناء فنون العلم والثقافة والأدب من جميع وجوهها، ثم لم يكفهم هذا حتى نشروا هذه الثقافة في أقصى أقطار الأرض التي عرفوها، وأتاحوا بعد ذلك للأجيال التي ستخلفهم على الحضارة، والتي أتيح لها التفوق في هذه الأيام، أن يتعلموا وأن يتقنوا وأن يعرفوا أنفسهم وأن يعرفوا أصول ثقافتهم.
وثقوا أننا لا نغلو ولا نكثر ولا نفاخر بالباطل إذا قلنا إن الغرب الأوروبي والأمريكي الآن، على تفوقه، إنما هو مدين بتفوقه كله، وبعلمه كله لهذه الأصول الخصبة الدائمة التي نقلها العرب إلى أوروبا في القرون الوسطى. ولا ينبغي مطلقا أن نتحرج من أن نطالب الأوروبيين - وقد طالبتهم كثيرا - بأن يردوا إلى الشرق دينهم عنده، وألا يكونوا ملتوين بما عليهم من الدين، وأن يشعروا بأن للشرق العربي عليهم جميلا يجب أن يقدروه، وأن يشكروه، لا أن يسرفوا في العزة والإثم، ولا أن يبغوا على الذين أحسنوا إليهم وعلموهم كيف يكون الإحسان.» •••
بعد انتهاء اجتماع اللجنة، جاء صحفي سعودي يطلب حديثا ...
قال الصحفي: «سيدي الدكتور، ماذا تحب لكل عربي؟»
ناپیژندل شوی مخ