168

ما بعد الايام

ما بعد الأيام

ژانرونه

وأجاب الدكتور طه: «أنا أحب لكل عربي، فيما بينه وبين نفسه، أن يزكي نفسه بالعلم والثقافة والمعرفة، حتى إذا لقي الأمريكي أو الأوروبي لم يحس لهذا الرجل أو ذلك تفوقا عليه، ولم يحس في نفسه بالاستحياء، ولم يشعر بأنه من وطن قليل الحظ من العلم والثقافة.»

وسأل الصحفي: «وإلى جانب الثقافة العربية الخالصة، هل تنصح البلاد العربية بالاتصال بثقافة أخرى؟»

وقال طه حسين: «يجب أن تفتح الأمم العربية نوافذها على مصاريعها لكل لون من ألوان العلم، ولكل فن من فنون الثقافة، ولكل ضرب من ضروب المعرفة، وأن تكون قلوبنا جميعا هي التي تستقبل هذا كله، فتميز منه الخبيث من الطيب وتستبقي منه ما يلائم طباعنا وأمزجتنا، وننتفع به في ترقية الحضارة العربية بحيث لا نكون عيالا على الأوروبيين والأمريكيين حتى في أيسر حاجيات حياتنا.»

قال الصحفي: «أي إن علينا أن ندرس ثقافتنا الأصيلة، وأن نتعرف بعد ذلك إلى الثقافات الأخرى ونختار ما يلائم ثقافتنا فنضيفه إليها ونرفض ما لا يلائمها.»

وأجاب طه حسين: «نعم، ولكن هذا لا يكفي، يجب أن نعيش في الأرض منتجين لا مستهلكين فقط، يجب أن نعطي وأن نأخذ، وأن يكون ما نعطيه من العلم والثقافة أكثر مما نأخذه من العلم والثقافة، كذلك كنا من قبل ... وما ينبغي أن يقصر الأبناء عما بلغه الآباء، وإنما الأصل أن يضيف الأبناء إلى ما أنشأ الآباء، يجب أن تذكروا دائما أن العرب القدماء فعلوا كثيرا في سبيل العلم والثقافة والإنسانية، وأننا نحن إلى الآن لم نفعل شيئا.»

وفي فندق الكندرة في جدة يسأل طه حسين الأستاذ أمين الخولي والأستاذ فتحي: «هل سألتما عن كيفية الوصول إلى المدينة المنورة؟»

ويقول الأستاذ فتحي: «لا سبيل إلا بالطائرة.»

ويرد الدكتور طه حسين قائلا: «أنا لا أركب الطائرة، ألا توجد سبل أخرى إن عمر فريضة الحج أكبر من عمر الطائرة؟»

ويقول الأستاذ أمين الخولي: «فتحي عنده حق، لقد عملت كل شيء، وحاولت كل طريقة، وكلمت سمو الأمير ولكن الطريق البري مقطوع بسبب السيول الغزيرة التي هطلت هذا العام، ألا تؤجل زيارة المدينة المنورة هذه المرة؟»

ويقول طه حسين: «لن أغفر ذلك لنفسي أبدا، شوقي إلى هذه الزيارة يتزايد منذ أكثر من سنتين؛ أي أنواع الطائرات تطير إلى المدينة؟»

ناپیژندل شوی مخ