في الكفن، ولا تخرجن معي امرأة، ولا تزكوني بما ليس فيّ، فإن الله تعالى [هو] أعلم بي. وأسرعوا بي في المشي، فإنه إن كان لي عند الله خيرٌ قدَّمتموني إلى ما هو خير لي، وإن كنت على غير ذلك كنتم قد ألقيتم عن رقابكم شرًا [تحملونه] .
لما حضرت عبد الله بن شداد الوفاة دعا ابنه محمدًا فقال له «١»: يا بني، أرى داعي الموت لا يقلِع، ومن مضى منَّا لا يرجع، ومن بقي فإليه ينزِع، وليس أحد عليه بممتنع «٢»؛ وإني أوصيك- يا بني- بوصية [فاحفظها]:
عليك بتقوى الله [العظيم]، وليكن أولى الأمور بك الشكر لله «٣» وحسن النية «٤» في السر والعلانية. واعلم بأنّ الشاكر مزاد «٥»، والتقوى خبر زاد.
وكن- يا بني- كما قال [الحطيئة]:
ولست أرى السعادة جمع مالٍ، ... ولكن التقيَّ هو السعيدُ
وتقوى الله خير الزاد ذخرًا، ... وعند الله للأتقى مزيدُ
وما لا بد أن يأتي قريبٌ ... ولكن الذي يمضي بعيدُ
ثم قال: يا بني، لا تزهدن في معروف؛ فإن الدهر ذو صروف، والأيام ذات نوائب، على الشاهد والغائب. فكم «٦» من راغب كان مرغوبًا إليه، وطالب قد أصبح «٧» مطلوبًا مالديه. واعلم بأن «٨» الزمان ذو ألوان، ومن يصحب الزمان يرى «٩» الهوان. وكن كما قال أخو بني الدئل «١٠» [أبو الأسود الدؤلى]:
1 / 22