وأنشدوا:
فِيَّ انْقِباضٌ وَحِشمَةٌ فإذَا ... لَقِيتُ أهلَ الوَفَاءِ وَالكَرَمِ
أَرسَلْتُ نَفْسي على سَحِيَّتِها ... وَقُلتُ ما قلت غَيرَ مُحْتَشِمِ
وقال أبو عثمان ﵀: إذا صحّت المحبة تأكدت على المحبِّ ملازمة الأدب.
وقال الثوري ﵀: من لم يتأدّب للوقت، فوقته مقتٌ.
قال الله ﷾: وَأَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ: أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ [٢١: ٨٣]
لم يقل «ارحمني» لأنه حفظ أدب الخطاب.
وكذلك عيسى ﵇، إذ قال له الباري ﷾: يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ «١»، أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ؟ قالَ:
سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍّ، إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ [٥: ١١٦]
ولم يقل «لم أقل» رعاية للأدب.
وقال الحكماء: لا أدب إلاّ بعقلٍ، ولا عقل إلاّ بأدبٍ: هما كالنفس والبدن، فالبدن بغير نفس جثّةٌ لا حراك بها، والنفس بغير بدن قوة لا ظهور لفعلها «٢»، فإذا اجتمعا وتركَّبا نهضا وفعلا.
وقالوا: ليس العاقل- وإن كان تامًّا- بمستغنٍ عن الأدب والعلم، اللذين هما زينته وجماله، لأن الله تعالى جعل لكثيرٍ من خلقه زينةً، فزينة السماء بكواكبها، والأرض بزهرتها، والقمر بنوره، والشمس بضيائها. والأدب