[57]
المخرج: من وجد في حقه السبب والشرط وفي السبب أربعة غروب الشمس من ليلة الفطر، وهو المشهور لابن القاسم في المدونة، وشهره ابن الحاجب وغيره وطلوع الفجر من يوم الفطر، رواه ابن القاسم، وقاله جماعة من الأصحاب. قال القاضي أبو بكر: وهو الصحيح، وكذا قال ابن رشد، وشهره الأبهري، وطلوع الشمس، وبه قال جماعة من الأصحاب، وروي إنما تجب من الغروب إلى الغروب، والفرق بينه وبين الأول أن السبب في الأول مجرد الغروب والسبب على هذا القول كل جزء من أجزاء الزمان الكائن بين الغروبين، وأما الشرط فالإسلام واليسر زاد أشهب وصومه ولو يوما، فإذا أسلم كافر قبل الغروب وجبت عليه وعلى قول أشهب لا تجب وتجب على الصبي ويخرجها عنه وصيه ولو كان في حجر رجل بغير إيصاء وله بيده رفع أمره إلى الحاكم، فإن لم يرفع وأنفق عليه وأخرج زكاة الفطر عنه فهو مصدق في الزكاة، وفي نفقة المثل، قاله مالك، ومن كان عنده قوت يومه أو كان يقدر أن يتسلف فهو موسر فيخرجها، وقيل: لا.
المخرج عنه: من تلزمه نفقته بالقرابة والرق، وكذلك بالنكاح على المشهور.
والمخرج إليه: من له أخذ الزكاة من الفقراء على المشهور، وقيل: الفقير الذي لم يأخذ منها في يومه.
المخرج منه: المقتات في زمانه صلى الله عليه وسلم من البر والشعير والسلت والزبيب والتمر والأقط. قال أشهب: ولا يخرج من غير هذا وعد في المدونة مع ذلك الذرة والأرز والدخن، زاد ابن حبيب العلس ويخرج من غالب قوت البلد، وقيل: من قوته وقوت عياله ما لم يفعله لشح، قدره صاع، وهو بالقفصي صاعان.
المخرج فيه: موضع المالك، وإن أدى أهل المسافر عنه أجزأته، فإن لم يكن بمكانه محتاج، ففي أقرب المواضع إليه ويجب قضاء ما فات بخلاف الأضحية، فإذا أخرجها في وقتها فضاعت لم يضمن وإن أخرجها في غير وقتها فضاعت ضمن.
[58]
كتاب الصيام
حقيقته لغة: الإمساك، يقال: صامت الخيل إذا أمسكت عن الجري.
حكمة مشروعيته: كسر النفس عن الشهوات والتشبه بسكان السموات وتصفية مرآة العقل.
أحكامه: تنحصر في الأركان واللواحق.
الأركان ثلاثة: الصائم، والمصوم فيه، وكيفية الصوم.
الصائم: من وجد في حقه المقتضي وهو وجود السبب والشرط وانتفاء المانع.
المصوم فيه: زمان رمضان، وهو قسمان جائز وممنوع، والممنوع صوم العيدين، ثم الجائز قسمان واجب وغير واجب، والواجب قسمان، قسم عينه صاحب الشرع كرمضان وقسم عينه المكلف بالنذر ومنه ما وجب لسبب كالكفارة وجزاء الصيد وغير الواجب منه ما ورد الترغيب فيه كصوم يوم عرفة لغير الحاج ويوم عاشوراء، وتاسوعاء، وعاشر ذي الحجة، والأشهر الحرم، وورد ((من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال، فكأنما صام الدهر))، وكرهها مالك متصلة برمضان، وورد الترغيب في صيام الأيام البيض وثلاثة أيام من كل شهر.
تنبيه: النذور وغيرها يأتي ذكرها في غير محلها إن شاء الله تعالى، والقصد هنا الكلام في صوم رمضان، والسبب في وجوبه رؤية الهلال، فمن رآه وجب عليه الصوم، وإن لم يره وثبت عند الحاكم وجب أيضا، وإلا وجب بالإكمال وتثبت الرؤية بالخبر المنتشر، وهو أكمل وبالشهادة التامة إذا نقل الواحد إلى ابنته البكر وأهله أن الهلال رىء وجب عليهم الصوم، وإن نقل إلى بلد وكانوا قد بعثوه مستكشفا لزمهم الصوم أيضا، وإن لم يكونوا بعثوه ففي اللزوم قولان وإذا غم ليلة ثلاثين، فذلك يوم الشك ومن لا تمكنه رؤية ولا غيرها كالأسير والتجار في بلد الحرب أكملوا الثلاثين، فإن التبست عليهم الشهور تحروا شهرا فصاموه.
والشروط خمسة: الإسلام، والبلوغ، والعقل، وقيل: العقل شرط في الأداء؛ لأنه يؤمر بالقضاء على تفصيل، فمن بلغ عاقلا ثم جن وقلت سنو إطباقه وجب عليه
[58]
***
مخ ۵۴