تلك القضايا معلوم الصدق فى نفس الأمر لكن لا نسلم انها معلومة على ذلك التقدير وكيف تكون معلومة على ذلك التقدير فلو كانت معلومة يلزم الدور او التسلسل فهو منع مندفع بالترديد فان تلك القضايا لما كانت صادقة في نفس الامر فلا يخلو اما ان تكون صادقة على ذلك التقدير او لا تكون وايا ما كان يحصل المطلوب اما اذا كانت صادقة على ذلك التقدير فلتمام الدليل سالما عن المنع المذكور اما اذا لم تكن صادقة فلكون التقدير منافيا للواقع حينئذ ومنافى الواقع منتف فى الواقع الثالث ان لزوم التسلسل مبنى على ان التصور لا يمكن اكتسابه من التصديق وبالعكس فالاولى ان نقول ليس كل من كل منهما نظريا لأنا نعلم بعض التصورات والتصديقات بالضرورة كتصور الحرارة والبرودة والتصديق بان النفى والأثبات لا يجتمعان ولا يرتفعان او نقول لو كان العلوم التصورية والتصديقية نظرية لامتنع حصول علم هو اول العلوم والتالى باطل اما الملازمة فلان كل علم فرض لا بد ان يتقدمه علم اخر على ذلك التقدير فلا يكون اول العلوم واما بطلان التالى فلان الإنسان فى مبدء الفطرة خال عن ساير العلوم ثم يحصل له التصور والتصديق وهو علم اول قال بل البعض اقول لما ابطل ان كل واحد من التصورات والتصديقات ضرورى او نظرى لزم ان يكون البعض من كل منهما ضروريا والبعض الأخر نظريا فان قلت كذب الموجبتين الكليتين لا يستلزم الا صدق السالبتين الجزئيتين وصدق الأعم لا يستلزم صدق الأخص قلنا ان لنا تصورات وتصديقات فالموجبة والسالبة يتساويان اذا تقرر هذا فنقول اما ان لا يمكن اقتناص النظريات من الضروريات او يمكن والاول باطل لان من علم لزوم امر لاخر ثم علم وجود الملزوم او عدم اللازم علم بالضرورة من ذلك وجود اللازم ومن هذا عدم الملزوم وايضا من حصل عنده ان كل ح ب وكل ب ا فلا بد ان يحصل عنده ان كل ج ا فتعين ان اكتساب النظريات من الضروريات ممكن فى الجملة سواء كان بالذات او بواسطة فلا يخلو اما ان يتأتى كل مط من كل ضرورى وهو اولى البطلان او يكون لكل واحد من المطالب ضروريات مخصوصة وطرق معينة مثل الحد والرسم فى التصورات والقياس والتمثيل فى التصديقات وحينئذ اما ان يحصل المطلوب من تلك الضروريات والطرق كيف ما وقعت وهو ظاهر الاستحالة او لا يحصل الا اذا كانت على شرايط واوضاع مخصوصة كمساواة المعرف وتقدمه فى المعرفة وكونه اجلى فى التصور وايجاب صغرى الشكل الاول وكلية كبراه فى التصديق وحينئذ اما ان يعلم وجود تلك الطرق والشرائط وصحتها بالضرورة اولا والأول باطل والا لم يعرض الغلط فى انظار العقلاء ولم يصور الضلال لآراء العلماء ولكن بعض العقلاء يناقض بعضا في مقتضى الافكار بل الإنسان الواحد يناقض بحسب اختلاف الأنظار فمست الحاجة الى علم يتعرف منه تلك الطرق والشرائط وهو المنطق لا يقال لا نسلم انها لو كانت ضرورية لم يقع الغلط فى الأفكار وانما يلزم ذاك لو كان وقوع الغلط من جهة الاختلال فاحتيج إلى قانون يفيد معرفة طرف الانتقال من المعلومات إلى المجهولات وشرائطها بحيث لا يعرض الغلط فى الفكر إلا نادرا وذلك هو المنطق
مخ ۱۴