[مقدمة الشارح]
[المقدمة]
هذا الكتاب شرح مطالع الأنوار فى المنطق
بسم الله الرحمن الرحيم
مخ ۲
الحمد لله فياض ذوارف العوارف وملهم حقايق المعارف واهب حيوة العالمين ورافع درجات العالمين والصلاة على خير بريته وخليفته فى خليقته محمد وآله خير آل ما ظهر لامع الا وخطر معنى ببال اما بعد فان العلوم على تشعب فنونها وتكثر شجونها ارفع المطالب وانفع المآرب وعلم المنطق من بينها ابينها تبيانا واحسنها شانا يا له منقبة تجلت فى الشرف والبهاء ومرتبة جلت عن الفضل والسناء فيه شفاء عن الاسقام ونجاة عن الآلام واشارات الى كنوز التحقيق وتنبيهات على رموز التدقيق وكشف الاسرار وبيان لعويصات الافكار بل انوار الهداية ومطالعها ووسائل الدراية وذرايعها ومباحث كاشفة عن الحقائق ومقاصد جامعة للدقائق من رام اختيار المعلوم فهو عينها او رغب فى انتقاد نقود المعارف فهو فضتها وعينها لا يؤمن من الاغاليط وتمويهات الاوهام الا به ولا يهتدى الى سواء السبيل الا بدرك مطالبه ولو لاه لا اتضح الخطاء عن الصواب ولم يتميز الشراب عن لامع السراب وانه لمعيار النظر والاعتبار وميزان التامل والافكار فكل نظر لا يتزن بهذا الميزان ليبرز فى معرض البطلان وكل فكر لا يعبر بهذا المعيار فهو لا يكون الا فاسدا العيار فيه معالم للهدى ومصابيح بخلو الدجى وصياقل الاذهان ولأمر ما اصبح العلماء الراسخون الذين تلألأ فى ظلم الليالى انوار قرائحهم الوفادة واستنار على صفحات الايام اثار جواهرهم النقادة يحكمون بوجوب معرفته ويفرطون فى اطرافه ومدحته حتى ان الشيخ ابا على بن سينا اذا حاول التنبيه على جلالة قواعد وفضلها قال المنطق نعم العون على ادراك العلوم كلها وابا نصر الفارابى ذلك الفيلسوف الذي لم يظفر بمثله فى تحقيق المعانى وتشييد المبانى وترقى امره الى حيث لقب بالمعلم الثاني راه كالعلق النفيس واذا قاسه بالعلوم الاخرى احله منها محل الرئيس ازهاره زهرت اعرافه ظهرت انواره بهرت فى ظلمة الليل وانى كنت فيما مضى من الزمان الى هذا الأوان مشعوفا بتحصيله مفتشا من اجماله وتفصيله شاطا راكبا على قطوف التأمل فى الشوط فاضلا نبال اللهج عن قوس الفرط واثقا فى استتبانه بصدق همة تلفظ مراميها الى المطالب وجودة قريحة تسوق حاد بها الى المآرب لم ار عالما من علماء الزمان مشارا اليه فى البيان بالبنان الا وقد استطلعته طلع بدايع اشكاله وسألته الكشف عن مواقع اشكاله ولا يبقى كتاب فيه يبالى بشأنه او يرغب فى انتهاج سنن ميدانه الا وقد تصفحت سينه وشينه وتعرفت غثه وسمينه لا سيما كتاب الشفاء الذي لا يطلع على مقاصده الا واحد بعد واحد من الازكياء ولا يهتدى الى دقايقه الا وارد بعد وارد من الفضلاء فكم صعد نظرى فيه وصوب وكم نقر عن معضلاته ونقب حتى وجدت فى اكثر ما نقل عنه المتأخرون خللا بينا والفيت فى جل ما اعترضوا عليه زللا مبينا ما قدروا على افتراغ بكار معانيه فهى بعد تحت حجب الألفاظ مستورة ولا فتقوا ارتق مبانيه وازاهيرها من وراء الأكمام ظاهرة منظورة
اذا لم تكن للمرء عين صحيحة ... فلا غروان يرتاب والصبح مسفر
فخالج قلبى ان ارتب فى هذا الفن كتابا انقد فيه الافكار واوضح الاشرار واحقق ما غفل سوء الفهم عن تحقيقه او ابين ما تطرق الشبهة فى طريقه كاشفا عن مواضع البس مميزا بين السها والشمس لا بل اشيد قواعد الكلام بما يسطع صبح الحق عن افق بيانه واوشح معاقد الايام بما ينظم التقرير المحرر من لئالي تبيانه واجمع عقد الدر بعد شتاته بقدر اجتهاد الوسع والوسع مبذول وكم غرمت فانتقض العزم وقد تقدمت فتاخر الفهم اذ انا فى زمان صار الجهل فيه مشهورا والعلم كان لم يكن شيئا مذكورا درست المعالم وعفت اثارها وارتفعت المجاهل واتقدت نارها العالم فيه مطروح على الطرق والجاهل محمول على الحدق لو قلت عميت اعين الزمان لما كذبت او عيرت ادوار الفلك الدوار عن سمت الصواب لما تجنبت ولكننى عذرت دهرى ونبذت فعلته وراء ظهرى حين عاينت حسنة كبرى من حسناته وشاهدت اية عظمى من آياته فهى التي تغطى على جميع السيئات بمكانتها بل لا يكترث لشان الزمان وحوادثه من يكون فى دايرة صيانتها وما هى الا دولة الصاحب الذي يصاحبه الاقبال والمجد والكرم المخدوم الاعظم دستور اعاظم الوزراء فى العالم مالك زمام حكام العرب والعجم رافع مراتب العلم الى الغاية القصوى مظهر كلمات الله العليا المخصوص بالنفس القدسية المكرم بالرياسة الأنسية ناظورة ديوان الوزارة عين اعيان الأمارة الفائز من قداح الفضل بالقدح المعلى المشهود له فى المعارف باليد الطولى كاشف اسرار استار الحقائق بفكره الصائب منور اسرار الدقائق برايه الثاقب
لما بدت منه محامد جمة ... فى الناس سمى بالأمين محمد
الصاحب المفضال منصور اللوى ... الماجد القرم الكريم الأوحد
راى له كالبدر يشرق فى الدجى ... ويريك احوال الخلائق فى غد
يا من يسائلنا عن الغايات ان ... فكرت فيه فهو غاية مقصد
ما ان مدحت محمدا بمقالتى ... لكن مدحت مقالتى بمحمد
مخ ۳
غياث الحق والدنيا والدين رشيد الإسلام ومرشد المسلمين ظل الله على الخلائق اجمعين اجرى الله تعالى اثار معاليه على صفحات الايام وربط اطناب دولته باوتاد الخلود والدوام ولا زال ركن الدين بلطائف اعتنائه ركينا ومتن العلم بعواطف اشفاقه متينا ويرجم الله عبدا قال امينا فهو الذي ارتفعت رايات ايالة الملك والدين بآرائه وانتشرت آيات الحق المبين بايمائه تلألؤ فى سرادقات جلاله انوار السعادة الأبدية وازهر فى حدائق كماله اشجار الكرامة السرمدية شمل ارباب الفضل افضاله واستنزال الدهر عن طباعه الأبية اقباله وصار عود الامل عن سحب اياديه تغدق اسافله وتورق اعاليه ان شبهته بالشمس المنيرة فكذبت او مثلته بالسحب المطيرة لما اصبت من اين للشمس دقايق معان تبهر الالباب وجلائل عبارات تنشر الفضل اللباب وانى للسحاب من الانعام ما عم جمهور الانام ودام مدى الليالى والايام ولما قصدت شكر بعض نعمه التي تتظاهر اثارها على وهممت بذكر شى ء من فواضله التي يتطرق انوارها بين يدى انتهزت وسنا من اعين الزمان وسنا في دياجير الحدثان وقصرت العزيمة على نقض العلائق والاشتغال بالتدبير اللائق فلاحظت الكتب المصنفة فى هذا الفن المشار اليه واخترت كتاب المطالع منها معرجا عليه لما رايت الأصحاب يهتمون ببحثه ودرسه ويستكشفون عنى مظان لبسه ويسئلوننى ان اشرحه شرحا يرفع ستائره ويوضح سرائره ملحين فى ذلك غاية الالحاح مقترحين على بشوافع الاقتراح فاخذت فى شرح له كشف عن وجوه فرايده نقابها وذلل من مسالك شعابه صعابها ولم اقتصر على جل تراكيبه والإفصاح عن نكت اساليبه بل حققت ايضا قواعد الفن وبينت مقاصد القوم وبالغت فى نقد الكلام وايراد ما سنخ لى من الرد والقبول والنقض والابرام نعم قد اخرجت من بحر الفكر فرايد الجواهر ونظمتها فى سمط العبارات الزواهر وسميتها بلوامع الاسرار فى شرح مطالع الأنوار وخدمت بها حضرته العلية وسدته السنية لا زالت مدين الفضائل والمآثر ومحط رحال الأفاضل والأكابر وتمنيت بعروة خدمته الاستمساك وفى سلك ذوى الاختصاص به الانسلاك لعلى اظفر من فاتحة الطافه بفتح وتتقرى الليل البهيم عن صبح صارفا بحسن عنايته غادية الزمان الخوان منشطا بلطف اعزازه عن عقال الهوان فان روج ذلك الزيف ناقد طبعه القويم ولاحظنى بعين انعامه العميم فشعشعة من ذكاء يميط ليلا ادهم بل شنشنة اعرفها من اخزم وها انا افيض فى شرح الكتاب والله الموفق بالصواب. قال:
اللهم انا نحمدك اقول الحمد هو الوصف بالجميل على جهة التعظيم والتبجيل وهو باللسان وحده والشكر على النعمة خاصة لكن مورده يعم اللسان والجنان والأركان فبينهما عموم وخصوص من وجه لأن الحمد قد يترتب على الفضائل والشكر يختص بالفواضل والآلاء هى النعم الظاهرة والنعماء هى النعم بالباطنة كالحواس وملائماتها وخص الحمد بالالاء والشكر بالنعماء الاختصاصه بالظاهر وعدم اختصاص الشكر به وتحقيق ماهيتهما ان الحمد ليس عبارة عن قول القائل الحمد لله بل هو فعل يشعر
مخ ۴
[مقدمة مطالع الأنوار]
اللهم انا نحمدك والحمد من آلائك ونشكرك والشكر من نعمائك ونسئلك هدايا الهداية ونعوذ بك من الغباوة والغواية ونبتغى منك اعلام الحق والهام الصدق فانه لا علم لنا الا ما علمت ولا دراية إلا ما الهمت انك انت العليم الحكيم والجواد الكريم
مخ ۵
بتعظيم المنعم بسبب كونه منعما وذلك الفعل اما فعل القلب اعنى الاعتقاد باتصافه بصفات الجلال والجمال او فعل اللسان اعنى ذكر ما يدل عليه او فعل الجوارح وهو الاتيان بافعال دالة على ذلك والشكر كذلك ليس هو قول القائل الشكر لله بل صرف العبد جميع ما انعم الله به عليه من السمع والبصر وغيرهما الى ما خلق واعطاه لأجله كصرف النظر الى مطالعة مصنوعاته والسمع الى تلقى ما ينبئ عن مرضاته والاجتناب عن منهياته وعلى هذا يكون الحمد اعم من الشكر مطلقا لعمومه النعم الواصلة الى الحامد وغيره واختصاص الشكر بما يصل الى الشاكر والهداية الدلالة على ما يوصل الى المطلوب والغباوة عدم الفطنة والغواية سلوك طريق لا يوصل الى المطلوب والإلهام القاء معنى فى القلب بطريق الفيض والحق حال القول والعقد المطابق للواقع بقياسه اليه اعنى كونه مطابقا للأمر الواقع واذا قيس الى الواقع فهو الصدق اى كونه مطابقا له اذا تمهد هذا التصوير فتقول للنفس الناطقة قوتان نظرية وعملية ويمكن حمل قرائن هذه الخطبة على مراتبها فى كل واحدة منهما اما مراتب القوة النظرية فلأن النفس فى مبدء الفطرة خالية عن العلوم كلها لكنها مستعدة لها والا لامتنع اتصافها بها وحينئذ تسمى عقلا هيولائيا تشبيها لها بالهيولى الخالية فى نفسها عن جميع الصور القابلة اياها ثم اذا استعملت آلاتها اعنى الحواس الظاهرة والباطنة حصل لها علوم اولية واستعدت لاكتساب النظريات وحينئذ تسمى عقلا بالملكة لأنها حصل لها بسبب تلك الاوليات ملكة الانتقال الى النظريات ثم اذا رتبت العلوم الأولية وادركت النظريات مشاهدة اياها سميت بالعقل المستفاد لاستفادتها من العقل الفعال واذا صارت مخزونة عندها وحصلت لها ملكة الاستحضار متى شاءت من غير تجشم كسب جديد فهى العقل بالفعل ولما كان للانسان فى مبدء الفطرة المرتبة الاولى وآلات تحصيل المرتبة الثانية اى المشاعر الظاهرة والباطنة وهى كلها نعم يجب الحمد والشكر عليها حمد الله تعالى على اعطائه اياهما اشارة الى المرتبتين وقوله ونسئلك هدايا الهداية اشارة الى المرتبة الثالثة فان تحصيل المطالب النظرية من مباديها يتوقف على هداية الله تعالى الى سواء الطريق اذ الطرق متعددة والتميز بين الصواب والخطاء لا يتم بمجرد الطاقة البشرية ولما كانت الهداية وان اقتضت حصول المطالب غير كافية فيه بل لا بد معها من ارتفاع الموانع كالغباوة والغواية استعاذ بالله تعالى عنهما وقوله ونبتغى منك اعلام الحق والهام الصدق اشارة الى المرتبة الرابعة لان ملكة الا استحضار لا تحصل الا بعد اعلامات متتالية والهامات متوالية وفيه استعار بان المبدأ الفياض للصور العقلية خزانة حافظة كها على ما تقرر فى الحكمة ثم كرر الاشارة الى المراتب الاربع بان رتب اربع قرائن بازاء كل مرتبة قرينة واحدة تعليلا لما رسم فيها فكانه قال انما حمدتك على المرتبة الاولى لأن استعداد العلوم ليس الا من حضرتك وعلى المرتبة الثانية لأن دراية العلوم الأولية فيها المعدة ونبتهل اليك فى ان تصلى على محمد سيد المرسلين وخاتم النبيين وعلى آله الطيبين الطاهرين وبعد فهذا مختصر فى العلوم الحقيقية والمعارف الالهية سميته بمطالع الأنوار ورتبته على طرفين الأول فى المنطق والثاني اربعة اقسام الأول فى الأمور العامة والثاني فى الجواهر خاصة والثالث فى الاغراض خاصة والرابع فى العلم الالهى خاصة
نحو اكتساب الثوانى تمتنع حصولها الا بإلهامك وانما سألتك الهداية فى تحصيل النظريات لانحصار العلم والحكمة فيك واعلام الحق والهام الصدق منك لأنك الجواد الحق والكريم المطلق واما مراتب القوة العملية فأولاها تهذيب الظاهر باستعمال الشرائع النبوية والنواميس الالهية المشتمل على جلها بل على كلها معنى الحمد والشكر حسب ما حققناه وثانيتها تهذيب الباطن عن الملكات الردية ونفض اثار شواغله عن عالم الغيب وذلك لا يتم الا بهداية الله تعالى وصرفه النفس عن الغباوة والغواية وثالثها ما يحصل بعد الاتصال بعالم الغيب وهو تجلى النفس بالصور القدسية ولا يكون ذلك الا باعلام الحق والهام الصدق ورابعها ما يتجلى له عقيب اكتساب ملكة الاتصال والانفصال عن نفسه بالكلية وهو ملاحظة جمال الله وجلاله وقصر النظر على كماله حتى يرى كل قدرة مضمحلة فى جنب قدرته الكاملة وكل علم مستغرقا فى علمه الشامل بل كل وجود وكمال انما هو فايض من جنابه والى هذه المرتبة اشار بحصر العلم والحكمة والجود فيه قال ونبتهل اليك فى ان تصلى على محمد سيد المرسلين وخاتم النبيين وعلى آله الطيبين الطاهرين اقول من القضايا المذكورة فى العلوم الحقيقية ان استفادة القابل من المبدأ يتوقف على مناسبة بينهما وكثيرا ما يستعملها الحكماء فى كتبهم منها انهم قالوا فى المزاج ان انكسار الكيفيات المتضادة واستقرارها على كيفية متوسطة وحدانية توجب ان تكون لها نسبة الى مبدئها الواحد بسببها يستحق ان يفيض على الممتزج صورة او نفس وكلما كان المزاج اعدل والى الواحدة الحقيقية اميل كانت النفس الفائضة عليه بمبدئها اشبه ومنها قولهم ان النفوس الفلكية تستخرج بسبب حركاتها الاوضاع الممكنة من القوة الى الفعل فيحصل لها بواسطة ذلك مناسبات الى المبادى العالية التي هى بالفعل من جميع الوجوه فيفيض عليها من تلك المبادى الكمالات اللائقة بها الى غير ذلك من المواضع ولها مثل فى المواد الجزئية لا تكاد تنحصر ولما كانت النفس الانسانية منغمسة فى العلائق البدنية مكدرة بالكدورات الطبيعيه وذات المفيض عز اسمه فى غاية التنزه عنها لا جرم وجب الاستعانة فى استفاضة الكمالات من تلك الحضيرة بتوسط يكون ذا جهتى التجرد والتعلق حتى يقبل الفيض من المبدأ الفياض بتلك الجهة الروحانية وهى منه بهذه الجهة فلذلك وقع التوسل فى استحصال الكمالات العلمية والعملية الى المؤيد بالرياستين مالك ازمة الأمور فى الجهتين بافضل الوسائل اعنى الصلاة عليه والثناء بما هو اهله ومستحقه قال وبعد فهذا مختصر فى العلوم الحقيقية اقول اراد بالعلم هاهنا ادراكات المركبات وبالمعرفة ادراك البسائط وهذا الاصطلاح يناسب ما تسمعه من ائمة اللغة ان العلم يتعدى الى مفعولين والمعرفة الى مفعول واحد فلذلك خص المعارف بالالهية والعلوم بالحقيقية وسمى المختصر بمطالع الأنوار لان مسائل هذه الفنون يظهر بها للقوة العاقلة حقايق الأشياء ظهورها بين يدى الحس بالاضواء وابواب هذا الكتاب مظاهر تلك
مخ ۶
الطرف الاول فى المنطق وهو قسمان
[القسم الأول فى اكتساب التصورات وفيه بابان]
الأول فى اكتساب التصورات وفيه بابان
[الباب الأول فى المقدمات وفيه فصول]
الأول فى المقدمات وفيه فصول
[الفصل الأول فى الحاجة الى علم المنطق]
الفصل الاول فى الحاجة الى المنطق العلم اما تصور ان كان ادراكا ساذجا واما تصديق ان كان معه حكم
مخ ۷
المسائل واسرارها كما ان المطالع مظاهر الكواكب وانوارها ورتبه على طرفين لأن المنطق مقصور بالغير والحكمة مقصورة بالذات فكان ذلك من هذه فى طرف وهى منه فى اخر وقسم الطرف الثاني اربعة اقسام لان الحكمة علم باحث عن احوال اعيان الموجودات على ما هى عليه فى نفس الامر بقدر الطاقة البشرية والموجود اما واجب او ممكن والممكن اما جوهر او عرض فالبحث عن احوال الموجودات اما عن احوال تختص باحد هذه الاقسام او عن احوال مشترك بين قسمين منها او بين الثلاثة فان كان عن الاحوال المشتركة فهى الامور العامة وان كان عن الاحوال المختصة بالجواهر فهو قسم الجواهر او بالأعراض فهو قسمها او بالواجب فهو العلم الالهى وقدم الطرف الأول لان المنطق آلة لتحصيل العلوم الحكمية والآلة متقدمة بالطبع ولما كانت الحاجة اليه لدرك المجهولات وهى اما ان يطلب تصورها او يطلب التصديق بما يجب فيها من نفى او اثبات لا جرم حصره فى قسمين احدهما الاكتساب التصورات اى المجهولات من جهة التصور وثانيهما الاكتساب التصديقات الى المجهولات من جهة التصديق وبوب القسم الاول على بابين فرقا بين ما يكون المقصود بالذات فى هذا القسم وبين ما يكون توطئة له ووضع الباب الاول لذكر المقدمات وعنى بالمقدمة هاهنا ما يتوقف عليه الشروع فى العلم وكان الأنسب تصديرها على القسمين لعدم اختصاصها بهذا القسم وجعل مباحث الالفاظ منها وان عدها بعضهم من ابواب المنطق تنبيها على انها ليست جزء منه كما سيجى ء بيانه قال الفصل الأول اقول العلوم اما نظرية غير آلية واما عملية آلية وغاية العلوم الغير الآلية حصولها انفسها وغاية العلوم الآلية حصول غيرها ولما كان المنطق علما آليا يكون له غاية والغاية متقدمة فى التصور على تحصيل ذى الغاية فلا بد من تقديم معرفة غاية المنطق على تحصيله وكما ان غاية المنطق من مقدمات الشروع فيه كذلك معرفة حقيقته ليكون الشارع فيه على بصيرة فى طلبه لكن تصور حقيقته موقوف على معرفة ثبوته لان هلية الشي ء البسيطة متقدمة على مائية بحسب الحقيقة فيجب بيان هلية المنطق حتى يمكن بيان حقيقته فلذلك بين احتياج الناس الى المنطق فى اكتساب الكمالات لأنه اذا ثبت ان الناس يحتاجون اليه فى اكتسابها ولا شك ان الكمالات ثابتة وما لا يتم الشي ء الثابت الا به فهو ثابت يلزم ان يكون المنطق ثابتا ولما اشتمل بيان الحاجة على هذه الامور الثلاثة اما على غاية المنطق فلانه اذا علم ان الاحتياج لأى سبب كان ذلك السبب غايته واما على حقيقته فلان البحث بالاخرة ينساق اليه واما على الاحتياج اليه فظاهر عنون البحث الفضل ببيان الحاجة الى المنطق ايثارا للاختصار وايضا لما كان اخر ما ينحل اليه المقاصد قدمه ووسم الفضل به واذ قد توقف بيان الحاجة على معرفة التصور والتصديق صدر الفصل بهما فقال العلم اما تصوران كان ادراكا ساذجا واما تصديق ان كان معه حكم بنفى او اثبات اى العلم اما ادراك يحصل مع الحكم او ادراك يحصل معه فان كان ادراكا يحصل مع الحكم فهو التصديق والا فهو التصور وتوضيحه انا اذا تصورنا زوايا المثلث وتصورنا التساوى للقائمتين والنسبة بينهما فلا خفاء فى انا نشك فيها قبل قيام البرهان الهندسى ثم اذا وقفنا عليه جزمنا به فيحصل لنا حالة ادراكية مغايرة للحالة السابقة فهذه الكيفية الإدراكية الحاصلة مع الحكم سميت تصديقا وتقييد الحكم بالنفى والأثبات لإخراج التقييدى وهاهنا اشكالات يستدعى المقام ايرادها وجلها احدها ان هذا التوجيه لا يكاد يتم لأن التصديق ان كان نفس الحكم لا يصدق عليه انه ادراك يحصل مع الحكم وان كان هو المجموع المركب من تصورات الثلاثة والحكم فكذلك لأن الحكم حينئذ يكون سابقا عليه فلا يكون معه وجوابه ان المصنف اختار ان التصديق مجموع الإدراكات الأربعة ولما كان الحكم جزء اخيرا للتصديق فحالة حصول الحكم يحصل التصديق فيكون ادراكا يحصل مع الحكم معية زمانية وتقدم الحكم عليه بالذات لا ينافى ذلك وكان النزاع فى انه الحكم فقط او المجموع انما نشاء من هذا المقام وثانيها ان التصديق اما نفس الحكم واما مجموع الإدراكات والحكم وايا ما كان لا يندرج تحت العلم اما اذا كان نفس الحكم فلانه عبارة عن ايقاع النسبة فهو من مقولة الفعل فلا يدخل تحت العلم الذي هو من مقولة الكيف او الانفعال واما اذا كان التصديق هو المجموع فلان الحكم ليس بعلم والمجموع المركب من العلم ومما ليس بعلم لا يكون علما وجوابه ان الحكم وايقاع النسبة وللاسناد كلها عبارات والفاظ والتحقيق انه ليس للنفس هنا تاثير وفعل بل اذعان وقبول النسبة وهو ادراك ان النسبة واقعة او ليست بواقعة فهو من مقولة الكيف وكيف لا وقد ثبت فى الحكمة ان الافكار ليست اسبابا موجدة للنتائج بل معدات للنفس لقبول صورها العقلية عن واهب الصور ولو لا ان الحكم صورة ادراكية لما صح ذلك وثالثها ان التقسيم فاسد لأن احد الامرين لازم وهو اما تقسيم الشى ء الى نفسه والى غيره واما امتناع اعتبار التصور فى التصديق وذلك لان المراد بالإدراك الساذج اما مطلق الإدراك او الإدراك الذي اعتبر معه عدم الحكم فان كان المراد مطلق الادراك يلزم الامر الاول وهو ظاهر وان كان المراد الإدراك مع عدم الحكم يلزم الأمر الثاني لانه لو كان التصور معتبرا فى التصديق وعدم الحكم معتبرا فى التصور فيكون عدم الحكم معتبرا فى التصديق فيلزم اما تقوم الشى ء بالنقيضين او اشتراطه بنقيضه وكلاهما محالان وجوابه ان اردتم بقولكم التصور معتبر فى التصديق ان مفهوم التصور معتبر فيه فلا نسلم ومن البين انه ليس معتبرا فيه فكم من مصدق لم يعرف مفهوم التصور وان اردتم ان ما صدق عليه معتبر فى التصديق فم لكن لا نسلم انه يلزم ان يكون عدم الحكم معتبرا فى التصديق وانما يلزم لو كان مفهوم التصور ذاتيا لما تحته وانه ممنوع ورابعها ان التصور والتصديق ينقسمان الى العلم والجهل فلو انقسم العلم اليهما يلزم انقسام الشى ء الى نفسه والى قسيمه وانه محال وجوابه ان العلم هاهنا عبارة عن الصورة الحاصلة من الشى ء عند الذات المجردة وهو اعم من ان يكون مطابقا اولا يكون وخامسها ان قوله العلم اما تصور ان كان ادراكا ساذجا جملة شرطية قدم الجزاء فيها على الشرط وذلك غير جايز وعلى تقدير جوازه يكون محصل الكلام ان العلم ان كان ادراكا ساذجا فهو اما تصور وان كان ادراكا مع الحكم فهو اما تصديق ومن البين فساد هذه العبارة اذ قد اورد فيها كلمة اما بدون اختها وجوابه ان الشرط هاهنا وقع حالا فلا يحتاج الى الجزاء واعلم ان مختار المصنف فى التصديق منظور فيه من وجوه الاول انه يستلزم ان التصديق ربما يكتسب من القول الشارح والتصور من الحجة اما الاول فلان الحكم فيه اذا كان غنيا عن الاكتساب ويكون تصور احد طرفيه كسبيا كان التصديق كسبيا على ما اختاره وسياتيك بيانه وحينئذ يكون اكتسابه من القول الشارح واما الثاني فلان الحكم لا بد ان يكون تصورا عنده واكتسابه من الحجة الثاني ان التصور مقابل للتصديق ولا شى ء من احد المتقابلين بجزء للمقابل الاخر واما الواحد والكثير فلا تقابل فيهما على ما نسمعه من ائمة الحكمة الثالث ان الإدراكات الأربعة علوم متعددة فلا يندرج تحت العلم الواحد فعلى هذا طريق القسمة ان يقال العلم اما حكم او غيره والاول التصديق والثاني التصور وهو مطابق لما ذكره الشيخ وغيره من محققى هذا الفن فى كتبهم لا يقال الشيخ ما قسم العلم الى التصور والتصديق بل الى التصور الساذج والى التصور مع التصديق فانه قال فى الاشارات قد يعلم تصورا ساذجا مثل علمنا بمعنى اسم المثلث وقد يعلم تصورا معه تصديق مثل علمنا بان كل مثلث فان زواياه مساوية القائمتين وذكر فى الشفاء ان الشى ء قد يعلم على وجهين احدهما ان يتصور فقط كما اذا كان له اسم فنطق به تمثل معناه فى الذهن وان لم يكن هناك صدق او كذب كما اذا قيل انسان او قيل افعل كذا فانك اذا وقفت على معنى ما نخاطب به من ذلك كنت قد تصورية والثاني ان يكون مع التصور تصديق كما اذا قيل لك مثلا ان كل بياض عرض لم يحصل لك من هذا تصور هذا القول فقط بل صدقت انه كذلك او ليس كذلك اما اذا شككت انه كذلك او ليس كذلك فقد تصورت ما يقال فانك لا تشك فيما لا تتصوره ولا تفهمه لكن لم تصدق به بعد فكل تصديق يكون معه تصور ولا ينعكس فالتصور فى مثل هذا المعنى يفيدك ان تحدث فى الذهن صورة هذا التأليف وما يؤلف منه كالبياض والعرض والتصديق هو ان يحصل فى الذهن نسبة هذه الصورة الى الأشياء انفسها انها مطابقة لها والتكذيب يخالف ذلك هذه عبارة الشيخ وهى مصرحة بما ذكرنا لأنا نقول ليس المراد ان العلم ينقسم الى التصورين والا لم يكن القسمة حاصرة فان التصديق عنده علم على مقتضى تعريفه وهو ليس شيئا منهما بل المراد ان العلم يحصل على وجهين وحصوله على وجه اخر لا ينافى ذلك على ان سائر كتب الشيخ مشحون بتقسيم العلم الى التصور والتصديق فانه ذكر فى مفتتح المقالة الأولى من الفن الخامس من منطق الشفاء ان العلم المكتسب بالفكر والحاصل بغير اكتساب فكرى قسمان احدهما التصديق والأخر التصور وقال وليس الكل من كل منهما ضروريا لا يحتاج فى حصوله الى نظر وهو ترتيب امور حاصلة يتوصل بها الى تحصيل غير الحاصل والا لما احتجنا الى تحصيل ولا نظريا يحتاج اليه والا لما قدرنا على تحصيل
مخ ۱۰
فى الموجز الكبير فى الفصل الاول من المقالة الثالثة العلم على وجهين تصور وتصديق وفى اول فصل من فصول كتاب النجاة كل معرفة وعلم اما تصور واما تصديق الى غير ذلك من مواضع كلامه هذا هو الكلام المختصر اللائق لشرح الكتاب ومن اراد الكلام المشبع الطويل الذيل فعليه بمطالعة رسالتنا المعمولة فى التصور والتصديق قال وليس الكل اقول وليس كل واحد من كل واحد من التصور والتصديق ضروريا وليس كل واحد من كل واحد منهما كسبيا وقبل الخوض فى البرهان لا بد من تحرير الدعوى فلذلك اشار اولا الى تعريف الضرورى والنظرى باستردافهما بمعرفيهما وصفا على سبيل الكشف وتعريف النظر لتوقفهما عليه فالعلم اما ضرورى او نظرى والضرورى ما لا يحتاج فى حصوله الى النظر كتصور الوجود والشى ء والتصديق بان الكل اعظم من الجزء والنظرى ما يحتاج فى حصوله الى النظر كتصور حقيقة الملك والروح والتصديق بحدوث العالم لا يقال التعريف والتقسيم فاسدان اما التقسيم فلان مورد القسمة علم وكل علم اما ضرورى او نظرى فان كان ضروريا لا يشمل النظرى وبا لعكس فلا يكون مورد القسمة شاملا للقسمين وهكذا نقول فى قسمة العلم الى التصور والتصديق بل فى كل قسمة واما التعريف فلان التصديق الضرورى قد يحتاج الى النظر لانه مفسر بما يكون تصور طرفيه وان كان بالكسب كافيا فى جزم العقل بالنسبة بينهما وحينئذ لا يكون تعريف الضرورى جامعا ولا تعريف النظرى مانعا لأنا نجيب عن الاول بعد المساعدة على المقدمتين بأنا لا نسلم انهما ينتجان شيئا فان الحكم فى الكبرى على جزئيات العلم ومورد القسمة مفهوم العلم فلا اندراج للأصغر تحت الأوسط سلمناه لكن لم قلتم انه لو كان مورد القسمة ضروريا لم يشمل النظرى وانما يكون كذلك لو لم يكن ضروريا فى بعض الصور نظريا فى بعضها فان طبيعة الاعم يمكن بل يجب اتصافها بالامور المتقابلة لتحققها فى الصور المتعددة وعن الثاني بان تعريف التصديق البديهى مختلف فيه كما اختلف فى ماهية التصديق فان التصديق عند الإمام لما كان عبارة عن مجموع الإدراكات الأربعة فانما يكون بديهيا اذا كان ذلك المجموع بديهيا وانما يكون ذلك المجموع بديهيا اذا كان كل واحد من اجزائه بديهيا ومن هاهنا تراه فى كتبه الحكمية يستدل ببداهة التصديقات على بداهة التصورات واما عند الحكيم فمناط البداهة والكسب هو نفس الحكم فقط فان لم يحتج فى حصوله الى نظر يكون بديهيا وان كان طرفاه بالكسب لا يقال حصول الحكم مفتقر الى تصور الطرفين فلو كان احدهما يحتاج الى نظر يلزم احتياج الحكم اليه فلا يكون بديهيا لأنا نقول الاحتياج المنفى هو الاحتياج بالذات وثبوت الاحتياج بواسطة لا ينافى ذلك على ان التفسير المذكور ليس للتصديق الضرورى بل للأولى فان المجربات والمتواترات والحدسيات ضرورية وليس تصورات اطرافها كافية فى حزم العقل بالنسبة بينهما ولو اصطلحنا هاهنا على ذلك لم يتم البرهان على امتناع كسبية التصديقات كلها ولم ينحصر الموصل الى التصديق فى الحجة لجواز ان يكون الموصل هو الحدس او التواتر او غير ذلك والنظر ترتيب امور حاصلة يتوصل بها الى تحصيل غير الحاصل والترتيب فى اللغة وضع كل شي ء فى مرتبته وهو قريب من مفهومه الاصطلاحى اعنى جعل الأشياء الكثيرة بحيث يطلق عليها الواحد ويكون لبعضها نسبة الى بعض بالتقدم والتاخر وهو اخص من التأليف اذ لا اعتبار لنسبة التقدم والتاخر فيه وانما قال امور لان الترتيب لا يتصور فى امر واحد والمراد بها ما فوق الواحد سواء كانت متكثرة اولا وهى اعم من الأمور التصورية والتصديقية وقيدها بالحاصلة لامتناع الترتيب فيها بدون كونها حاصلة ويندرج فيها مواد جميع الأقيسة وهى اولى من المعلومة لأن العلم وان جاز اخذه اعم الا انه مشترك والاحتراز عن استعمال الألفاظ المشتركة واجب فى صناعة التعريف واعتبر فى المطلوب ان يكون غير حاصل لامتناع تحصيل الحاصل وهذا تعريف بالعلل الأربع كما هو المشهور ورسم لاعتبار الخارج فيه والاشكال الذي استصعبه قوم بأنه لا يتناول التعريف بالفصل وحده ولا بالخاصة وحدها مع انه يصح التعريف باحدهما على راى المتاخرين حتى غيروا التعريف الى تحصيل امر او ترتيب امور فليس من تلك الصعوبة فى شي ء اما اولا فلان التعريف بالمفردات انما يكون بالمشتقات كالناطق والضاحك والمشتق وان كان فى اللفظ مفردا الا ان معناه شي ء له المشتق منه فيكون من حيث المعنى مركبا واما ثانيا فلان الفصل والخاصة لا يدلان على المطلوب الا بقرينة عقلية موجبة لانتقال الذهن اليه فالتركيب لازم واما ان التعريف بالعلل تعريف بالمباين فجوابه ان معناه ليس ان العلل انفسها معرفات للماهية بل الماهية تحصل لها باعتبار ومقايستها الى العلل امور لا تباينها وتحمل عليها فربما يحصل لها بالقياس الى كل علة محمول وربما يحصل لها بالقياس الى علتين او اكثر فتعريف الماهية بتلك الامور المحمولة عليها فتكون هى معرفة لها من حيث القياس الى العلل ويمكن ان يقال ايضا العلل المذكورة فى تعريف الفكر ليست عللا بالحقيقة بل قيل انها علل على سبيل التشبيه والمجاز وهذا التعريف انما هو على رأى من زعم ان الفكر امر مغاير للانتقال فاما من جعله نفسه فقد عرفه بأنه حركة ذهن الإنسان نحو المبادى (من المطالب) والرجوع عنها الى المطالب فما منه الحركة الأولى المطلوب المشعور به من وجه وما فيه (هى) الصور العقلية المخزونة عند العقل والنفس وما هى اليه الحد الأوسط والذاتى والعرضى وما منه الحركة الثانية وما هى فيه من الحدود والذاتيات والعرضيات لترتيبها ترتيبا خاصا وما هى اليه تصور المطلوب والتصديق به فالحركة الأولى تحصل المادة والثانية تحصل الصورة وحينئذ يتم الفكر وبازائه الحدس اذ لا حركة فيه اصلا وهو مختلف فى الكم كما ان الفكر مختلف فيه وفى الكيف وينتهى الى القوة القدسية الغنية عن الفكر اذا انتقش هذا على صحائف الاذهان فلنشرع فى تقرير البرهان فنقول اما الدعوى الأولى فلان كل واحد من كل واحد من التصور والتصديق لو كان ضروريا لم يحتج فى تحصيل شي ء منهما الى نظر والثاني باطل ضرورة احتياجنا فى بعض التصورات والتصديقات اليه وهذا اولى مما قيل لو كان كذلك لما جهلنا شيئا لأن الجهل لا ينافى الضرورة فان كثيرا من الضروريات كالتجربيات وما لم يتوجه اليه العقل يجهل ثم يعقل واما الدعوى الثانية فلانه لو كان كل من كل منهما نظريا لم نقدر على اكتساب شي ء منهما وفساد التالى يدل على فساد المقدم بيان الملازمة ان اكتساب النظرى انما يكون بعلم اخر واكتسابه ايضا يكون بآخر وهلم جرا فان عادت سلسلة الاكتساب يلزم الدور او ذهبت الى غير النهاية يلزم التسلسل وهما يستلزمان امتناع القدرة على الاكتساب اما الدور فلأنه يفضى الى توقف المط على نفسه وحصوله قبل حصوله واما التسلسل فلتوقف حصوله حينئذ على استحضار ما لا نهاية له وانه محال وربما يورد هاهنا اعتراضات الاول انه ان اردتم بالتصور التصور بوجه ما فلم قلتم انا نحتاج فى حصول شي ء منها الى نظر ومن البين انه ليس كذلك اذ كل شي ء يتوجه اليه العقل فهو متصور بوجه ما وان اردتم به التصور بكنه الحقيقة فلا نسلم ان الكل لو كان نظريا دارا وصار متسلسلا وانما يلزم ذلك لو لم ينته سلسلة الاكتساب الى التصور بوجه ما والجواب من وجهين الأول ان الاكتساب اما ان ينتهى الى التصور بوجه ما او لا ينتهى واياما كان يلزم الدور او التسلسل اما ان لم ينته فظاهر واما ان انتهى فلان ذلك الوجه ان كان متصورا بالكنه فكذلك وان كان متصورا بوجه اخر تنقل الكلام اليه حتى يلزم التسلسل فى تصورات الوجوه الثاني ان المراد بالتصور مطلق التصور اعم من ان يكون بوجه ما او بكنه الحقيقة لا يقال العام لا يتحقق الا فى ضمن الخاص وقد بين بطلانه لأنا نقول فرق بين ارادة مفهوم العام وبين تحققه ولا يلزم من عدم تحققه الا فى ضمن الخاص عدم ارادته الا فى ضمنه الثاني ان قولكم لو كان الكل نظريا يلزم الدور او التسلسل والقضايا التي ذكرتم فى بيانها نظرية على ذلك التقدير فلا يمكنكم الاستدلال بها والا يلزم الدور او التسلسل وهذا الشك ان ورد بطريق النقض بان يقال ما ذكرتم من الدليل يتم بجميع مقدماته فانه لو اريد اتمامه يلزم الدور او التسلسل لان القضايا المذكورة فيه كسبية على ذلك التقدير فيحتاج الى كاسب ويعود الكلام فيه فيدور او يتسلسل فالجواب عنه انا لا نم ان تلك القضايا كسبية على ذلك التقدير بل بديهية غاية ما فى الباب استحالة ذلك التقدير سلمناه لكن لا نسلم انها لو كانت كسبية على ذلك التقدير لا حاجت الى كاسب وانما يلزم ان لو كانت كسبية فى نفس الامر وهو ممنوع وان اورد على سبيل المناقضة فان منع بداهة القضايا المذكورة فلا يكاد يتوجه لان المعلل ما ادعى بداهتها بل صحتها فى نفس الامر وان منع صدقها فلا يخلو اما ان يمنع صدقها فى نفس الامر او على ذلك التقدير فظاهر انه لا يمكن التفصى عن المنع الأول بل افحام المعلل لازم واما المنع على ذلك التقدير بان يقال لا نم صدق تلك القضايا على ذلك التقدير ويبين توجيه المنع بأنها كسبية على ذلك التقدير والكسبى يمكن تطرق المنع اليه او يقال هب ان بل البعض من كل منهما نظرى يمكن تحصيله من البعض الاخر الضرورى بطرق معينة وشرائط مخصوصة لا يعلم وجودها ولا صحتها بالضرورة ولذلك يعرض الغلط فى الفكر كثيرا.
مخ ۱۳
تلك القضايا معلوم الصدق فى نفس الأمر لكن لا نسلم انها معلومة على ذلك التقدير وكيف تكون معلومة على ذلك التقدير فلو كانت معلومة يلزم الدور او التسلسل فهو منع مندفع بالترديد فان تلك القضايا لما كانت صادقة في نفس الامر فلا يخلو اما ان تكون صادقة على ذلك التقدير او لا تكون وايا ما كان يحصل المطلوب اما اذا كانت صادقة على ذلك التقدير فلتمام الدليل سالما عن المنع المذكور اما اذا لم تكن صادقة فلكون التقدير منافيا للواقع حينئذ ومنافى الواقع منتف فى الواقع الثالث ان لزوم التسلسل مبنى على ان التصور لا يمكن اكتسابه من التصديق وبالعكس فالاولى ان نقول ليس كل من كل منهما نظريا لأنا نعلم بعض التصورات والتصديقات بالضرورة كتصور الحرارة والبرودة والتصديق بان النفى والأثبات لا يجتمعان ولا يرتفعان او نقول لو كان العلوم التصورية والتصديقية نظرية لامتنع حصول علم هو اول العلوم والتالى باطل اما الملازمة فلان كل علم فرض لا بد ان يتقدمه علم اخر على ذلك التقدير فلا يكون اول العلوم واما بطلان التالى فلان الإنسان فى مبدء الفطرة خال عن ساير العلوم ثم يحصل له التصور والتصديق وهو علم اول قال بل البعض اقول لما ابطل ان كل واحد من التصورات والتصديقات ضرورى او نظرى لزم ان يكون البعض من كل منهما ضروريا والبعض الأخر نظريا فان قلت كذب الموجبتين الكليتين لا يستلزم الا صدق السالبتين الجزئيتين وصدق الأعم لا يستلزم صدق الأخص قلنا ان لنا تصورات وتصديقات فالموجبة والسالبة يتساويان اذا تقرر هذا فنقول اما ان لا يمكن اقتناص النظريات من الضروريات او يمكن والاول باطل لان من علم لزوم امر لاخر ثم علم وجود الملزوم او عدم اللازم علم بالضرورة من ذلك وجود اللازم ومن هذا عدم الملزوم وايضا من حصل عنده ان كل ح ب وكل ب ا فلا بد ان يحصل عنده ان كل ج ا فتعين ان اكتساب النظريات من الضروريات ممكن فى الجملة سواء كان بالذات او بواسطة فلا يخلو اما ان يتأتى كل مط من كل ضرورى وهو اولى البطلان او يكون لكل واحد من المطالب ضروريات مخصوصة وطرق معينة مثل الحد والرسم فى التصورات والقياس والتمثيل فى التصديقات وحينئذ اما ان يحصل المطلوب من تلك الضروريات والطرق كيف ما وقعت وهو ظاهر الاستحالة او لا يحصل الا اذا كانت على شرايط واوضاع مخصوصة كمساواة المعرف وتقدمه فى المعرفة وكونه اجلى فى التصور وايجاب صغرى الشكل الاول وكلية كبراه فى التصديق وحينئذ اما ان يعلم وجود تلك الطرق والشرائط وصحتها بالضرورة اولا والأول باطل والا لم يعرض الغلط فى انظار العقلاء ولم يصور الضلال لآراء العلماء ولكن بعض العقلاء يناقض بعضا في مقتضى الافكار بل الإنسان الواحد يناقض بحسب اختلاف الأنظار فمست الحاجة الى علم يتعرف منه تلك الطرق والشرائط وهو المنطق لا يقال لا نسلم انها لو كانت ضرورية لم يقع الغلط فى الأفكار وانما يلزم ذاك لو كان وقوع الغلط من جهة الاختلال فاحتيج إلى قانون يفيد معرفة طرف الانتقال من المعلومات إلى المجهولات وشرائطها بحيث لا يعرض الغلط فى الفكر إلا نادرا وذلك هو المنطق
مخ ۱۴
بها وهو ممنوع لجواز ان يكون وقوعه لأجل فساد المادة لأنا نقول تلك الطرق والشرائط تراعى جانب المادة رعايتها جانب الصورة فلو كانت معلومة بالضرورة لم يقع الغلط لا فى الصورة ولا فى المادة او نقول وقوع الغلط اما من جهة الصورة او من جهة المادة واياما كان يتم الكلام اما اذا كانت من جهة الصورة فظاهر واما اذا كانت من جهة المادة فلأن الغلط من جهة المادة ينتهى بالاخرة إلى الغلط من جهة الصورة لأن المبادى الأول بديهية فلا يقع الغلط فيها أصلا فلو كانت صحيحة لصورة كانت المبادى الثوانى ايضا صحيحة وهلم جرا فلا يقع الغلط حينئذ اصلا فيها فقد بان ان وقوع الغلط فى الفكر لا بد وان يكون لفساد صورة فى سلسلة الاكتساب المنتهية إلى المبادى الضرورية نعم يتجه ان يقال عدم وقوع الغلط انما يلزم لو كانت معلومة وضروريتها لا يستلزم ذلك وعلى تقدير العلم بها انما لم يقع الغلط اذا روعيت والعلم بها لا يوجب رعايتها والحق ان هذه المقدمة مستدركة فى البيان فان اثبات الاحتياج الى المنطق لا يتوقف على ذلك نعم اثبات الاحتياج الى تعلمه موقوف عليه لكن المدعى ليس ذلك ولذلك تقسيم العلم الى التصور والتصديق مستدرك اذ يكفى ان يقال العلوم ليست باسرها ضرورية ولا نظرية الى آخر البيان قال فاحتيج أقول هذه اشارة الى تعريف المنطق فالقانون لفظ سريانى روى انه اسم المسطر بلغتهم وفى الاصطلاح مرادف للأصل والقاعدة وهو امر كلى منطبق على جزئيات عند تعرف احكامها منه وبالتفصيل مقدمة كلية تصلح ان تكون كبرى لصغرى سهلة الحصول حتى يخرج الفرع من القوة الى الفعل ولا خفاء فى أن المنطق كذلك لانطباقه على جميع المطالب الجزئية عند الرجوع إليه والمعلومات يتناول الضرورية والنظرية والمجهولات التصورية والتصديقية وانما لم يقل بقيد معرفة طرق الانتقال من الضروريات الى النظريات كما ذكره صاحب الكشف لئلا يوهم بالانتقال الذاتى على ما يتبادر إليه الفهم من تلك العبارة فصرح بالمقصود جريا على وتيرة الصناعة والمراد بقوله بحيث لا يعرض الغلط فى الفكر وعدم عروضه عند مراعاة القانون على ما لا يخفى فان المنطقى ربما يخطأ فى الفكر بسبب الإهمال هذا مفهوم التعريف واما احترازاته فالقانون كالجنس يشمل ساير العلوم الكلية واحترز به عن الجزئيات وباقى القيود كالفصل احتراز به عن العلوم التي لا تفيد طرق الانتقال كالنحو والهندسة وهذا التعريف مشتمل على العلل الأربع فان القانون إشارة إلى مادة المنطق فان مادته هى القوانين الكلية وقوله يفيد معرفة طرق الانتقال اشارة الى الصورة لأنه المخصص القانون بالمنطق والى العلة الفاعلية بالالتزام وهو العارف العالم بتلك القوانين وقوله بحيث لا يعرض الغلط اشارة إلى العلة الغائية وانما عرفه بالعلل الأربع لأن المراد بيان حقيقة المنطق والتعريف بها يفيد حقيقة المعرف فان وجود المعلول من لوازمها فاذا وجدت فى الذهن يلزم وجود حقيقته فيه لا يقال التعريف فاسد من وجهين الأول انه تعريف بالمباين اما اولا فلان المنطق علم والقانون من المعلومات واما ثانيا فإن قيل المنطق لكونه نظريا يعرض فيه الغلط يحوج إلى قانون اخر ويتسلسل ولأن كثيرا من الناس يكتسب العلوم والمعارف بدون المنطق قلنا المنطق
مخ ۱۵
فلأنه قوانين متعددة فلا يصدق عليه القانون الثاني ان التعريف دورى لأن معرفة طرق الاكتساب جزء من المنطق فيتوقف تحققه على معرفة طرق الاكتساب فلو كانت معرفتها مستفادة من المنطق توقف عليه فيلزم الدور لأنا نجيب عن الأول بأن المنطق قد يطلق ويراد به معلوماته كما يقال فلان يعلم المنطق وقد يطلق ويراد به نفس العلم والمراد هاهنا المعلوم فاندفع الإشكال وعن الثاني بأن المراد بالقانون القوانين المتعددة الا انها لما اشتركت فى مفهوم القانون وكان المقصود تعريف المنطق من حيث انه علم واحد عبر عنها به وعن الثالث بأنا لا نسلم ان معرفة طرق الاكتساب جزء المنطق وانما يكون كك ان لو لم يكن المراد بها جزئياته المتعلقة بالمواد على ما هى مستعملة فى ساير العلوم والمبنية على ذلك استعمال المعرفة فى ادراك الجزئيات وقوله الا نادرا لا دخل له في التعريف فقيل انه متعلق بجملة لا يعرض الغلط واعترض بان المفكر ان راعى القوانين المنطقية لم يقع الغلط له اصلا والا فغلطه يكون اكثريا لا نادرا وقيل انه متعلق بقوله فاحتج فان بعض الناس كالمؤيد بالقوة القدسية لا يحتاج اليه واورد بأنه لم يتوجه السؤال الثاني حينئذ ويمكن ان يوجه القولان اما الأول فلان لتحصيل العلوم مراتب يتفاوت كمالا ونقصانا وكما انه ينتهى فى الكمال الى حد لا يقع الخطاء اصلا كذلك فى جانب النقصان ينتهى الى حد ينبت جميع افكار الشخص عن مطالبه كما اذا كان متناهيا فى البلادة حتى لو قدر انه قد وقف على جميع القوانين المنطقية وعرض افكاره عليها أخطاء لبلادته وكان المصنف قد أومأ الى هذا المعنى فى اخر قسم المنطق من هذا الكتاب فليطالع ثمة واما الثاني فلأن العلوم النظرية على قسمين ما يتطرق فيه الغلط وما ليس من شانه ذلك وهى العلوم المنسقة المنتظمة التي ينساق الاذهان اليها من غير كلفة ومشقة كالهندسيات والحسابيات ولا احتياج لها الى المنطق انما هو الحاجة اليه للقسم الأول ولما كانت تلك العلوم قليلة بالقياس الى العلوم التي من القسم الأول استثناها بقوله الا نادرا على معنى ان الناس يحتاجون فى اكتساب العلوم النظرية الى المنطق الا نادرا فى بعض العلوم لا لبعض الناس حتى يرد ما ذكروا هذا على قاعدة القوم وقد اشار اليها صاحب الكتاب فى تحرير السؤال الأول وهى منظور فيها لأن تلك الامور ان كانت نظرية فهى محتاجة الى نظر والنظر مجموع حركتين حركة لتحصيل المبادى وحركة لترتيبها ولا شك ان تحصيل المواد وترتيبها محتاجان الى القوانين المنطقية وعدم وقوع الخطاء فيها لا ينافى ذلك وانما سمى هذا الفن منطقا لأن النطق يطلق على النطق الخارجى الذي هو اللفظ وعلى الداخلى وهو ادراك الكليات وعلى مصدر ذلك الفعل ومظهر هذا الانفعال ولما كان هذا الفن يقوى الأول ويسلك بالثانى مسلك السداد ويحصل بسببه كمالات الثالث لا جرم اشتق له اسم منه وهو المنطق قال فان قيل المنطق لكونه نظريا أقول بعضه ضرورى وبعضه نظرى يكتسب من الضرورى منه بطريق ضرورى كما يكتسب غير البين من الإشكال الأربعة من البين منها بطريق بين كما ستعرفه فاستغنى عن المنطق الآخر وتمكن بعض الناس نادرا من الاكتساب بدون المنطق لا ينافى الحاجة اليه
قد عورض فى أن المنطق غير محتاج اليه فى اكتساب العلوم النظرية وتقريرها ان يقال ما ذكرتم من الدليل وان دل على مطلوبكم لكن عندنا ما ينفيه وذلك من وجهين الأول لو افتقر اكتساب العلوم النظرية الى المنطق لزم الدور والتسلسل واللازم محال بيان الملازمة ان المنطق نظرى يعرض فيه الغلط لأنه لو كان ضروريا او نظريا لا يعرض فيه الغلط لم يقع فيه خلاف بين او باب الصناعة وحينئذ يفتقر اكتسابه الى قانون اخر وننقل الكلام اليه مرة بعد اخرى فان تناهت القوانين دار والا تسلسل ولما استلزم الدور التسلسل اقتصر عليه هذا توجيه على محازاة ما فى الكتاب والأحسن ان يقال المنطق ليس ضروريا والا لامتنع عروض الغلط فى الافكار لان المبادى الأول ضرورية فلو كان العلم بجميع طرق الانتقال ضروريا لم يمكن وقوع الغلط اصلا فيه فهو نظرى فيحتاج اكتسابه الى قانون اخر فان وجد فى سلسلة الاكتساب ما يفتقر الى ما يفتقر اليه لزم الدور والا لزم التسلسل لا يقال لا نسلم لزوم التسلسل لجواز الانتهاء الى قانون ضرورى لأنا نقول المنطق هو العلم بجميع طرق الانتقال من الضروريات الى النظريات فانها ان كانت تصورية فطريق الانتقال اليها القول الشارح وان كانت تصديقية فطريق الانتقال اليها الحجة فلا طريق انتقال الا وهو من المنطق فلو كان نظريا فاى طريق يفرض للانتقال يكون نظريا والا لزم خلاف المقدر الثاني لو كان المنطق محتاجا اليه فى اكتساب العلوم النظرية لما حصل الاكتساب بدونه والتالى باطل لأن كثيرا من العلماء والنظار مجردين عن هذه الآثار يكتسبون العلوم والمعارف مسيبين فى الافكار والمراد بالعلوم هاهنا التصديقات وبالمعارف التصورات بناء على ما سبق من ان المعرفة ادراك البسيط والعلم ادراك المركب وتقرير الجواب عن الأول انا لا نسلم ان المنطق لو كان نظريا يعرض فيه الغلط لزم التسلسل وانما يلزم لو كان نظريا بجميع اجزائه وهو ممنوع بل بعضه ضرورى وبعضه نظرى مستفاد من الضروري منه بطريق ضرورى كما يكتسب غير البين من الإشكال الأربعة من البين منها وهو الشكل الأول بطريق بين كالخلف والافتراض والعكس فان الخلف يرجع الى القياس الاستثنائي والعكس والافتراض الى قياس منتظم من الشكل الأول فانه يقال فى العكس مثلا متى صدقت القرينة صدقت صغراها مع عكس الكبرى وكلما صدقتا صدقت النتيجة ينتج انه متى صدقت القرينة صدقت النتيجة وكذلك فى الافتراض على ما ستطلع على تفاصيله ان شاء الله تعالى.
مخ ۱۶
وربما يقرر الجواب بان المنطق قسمان ضرورى ونظرى وهو على ثلاثة اقسام اصطلاحات ينبه عليها بتغيير الفاظ وعبارات كالكلى والجزئى والجنس والفصل وما ينساق اليه الذهن لكونه من قبيل العلوم المتسقة المنتظمة وكلاهما لا يحتاج اكتسابهما الى المنطق وما من شأنه ان يتطرق اليه الغلط وهو قليل جدا فيستفاد من الضرورى بطريق ضرورى وهذا نسب بجواب السؤال على الوجه الذي قرره المصنف والتقرير الأول انسب بما ذكرنا فان قيل القسم الضرورى مع الطريق الضرورى ان كان كافيا فى اكتساب القسم النظرى كان كافيا فى سائر العلوم فلا حاجة الى المنطق والا افتقر اكتسابه الى قانون اخر لا يقال لا نسلم انه لو كفى فى الاكتساب فى المنطق يلزم ان يكون كافيا فى اكتساب جميع العلوم وانما يلزم لو كانت الافكار باسرها واردة على القسم الضرورى وليس كذلك لأنا نقول العلوم اما ان يتعلق بالقسم الضرورى او النظرى واياما كان يلزم ان يكون القسم الضرورى كافيا فى اكتسابها اما ان تعلقت بالقسم الضرورى فظاهر واما ان تعلقت بالنظرى فلأن القسم النظرى كاف فى اكتساب تلك العلوم والتقدير ان الضرورى كاف فى اكتسابه والكافى فى الكافى فى الشى ء كاف فى ذلك الشى ء فيكون الضرورى كافيا فى تلك العلوم ايضا لا يقال هب ان القسم الضرورى كاف فى ساير العلوم الا ان الاحاطة بجميع الطرق اصون للذهن عن الخطاء للقدرة حينئذ على التميز بين الصحيح والفاسد منها على اى ترتيب وقع ولا معنى للافتقار الى المنطق الا هذا القدر لأنا نقول القسم الضرورى اما ان يستقل باكتساب المجهولات بحيث لا يعرض الغلط فى الفكر البتة فاستغنى عن المنطق اولا يستقل فيحتاج الى قانون اخر قلنا لا نسلم ان القسم الضرورى مع الطريق الضرورى ان كفى فى ساير العلوم لم يفتقر الى المنطق اذ معنى الكفاية ان الضرورى مع طريقه اذا حصل لأحد تمكن من اكتساب النظرى من غير حاجة الى ضميمة واذا حصلا تمكن من اكتساب ساير العلوم بواسطتهما وهذا القدر لا ينافى الاحتياج اليهما بل يوجبه على ان الكافى فى الكافى فى الشي ء لا يجب ان يكون كافيا فيه لاحتياجه الى الواسطة ايضا وعلى اصل الشبهة منع اخر وهو انا لا نسلم ان المنطق لو كان ضروريا لم يعرض الغلط وانما يكون لو كان معلوما مراعى لكن لما لم يكن هذا الشق واقعا لم يتعرض له وتقرير الجواب عن الثاني ان المدعى كون المنطق محتاجا اليه فى الجملة ونمكن بعض الناس من الاكتساب بدونه لا ينفى الحاجة اليه فى الجملة ضرورة ان استغناء البعض عنه لا يوجب استغناء الكل كما ان استغناء الشاعر بالطبع عن علم العروض والبدوى عن علم النحو لا يقتضى استغناء غيرهما عنهما والتحقيق ان تحصيل العلوم بالنظر لا يتم بدون المنطق كما سبقت الإشارة اليه واما المؤيد من عند الله بالقوة القدسية فهو لا يحصل العلوم بالنظر بل بالحدس فهى بالقياس اليه ليست نظرية والكلام فى احتياج المطالب النظرية واعلم ان المجهولات تحصل معلومة اما بمجرد العقل اذا توجه اليها او مع الاستعانة بما يحضر فى الذهن عند حضورها او بقوة اخرى ظاهرة كما فى المحسوسات والتجربيات والمتواترات او باطنة كالوجدانيات والوهميات او بالحدس وهو ان يسنح المبادى المترتبة للذهن دفعة او بالنظر فيكون هناك مطلوب يتحرك النفس منه طلبا لمبادية ثم يرجع منها اليه او بالتعلم فلا يكون المبادى حاصلة بنظر او سنوح بل بسماعها من معلم فان قلت لا بد ان يكون هناك فكر لأن النفس تتفكر عند السماع فنقول المعلم اذا اورد قضية فتصور المعلم اطرافها فان لم يشك فيها تبع التصديق
مخ ۱۷
[الفصل الثاني فى موضوع علم المنطق]
الفصل الثاني فى موضوع المنطق موضوع كل علم ما يبحث فى ذلك العلم عن عوارضه اللاحقة لما هو هو
مخ ۱۸
التصور فان شك فاما ان يفكر فى نفسه فيعلم لا بطريق التعليم او يفيده المعلم القياس فالعلم انما هو مع القياس ولا فكر له فيه فان الفكر حركة للنفس ينتقل بها من شى ء الى شي ء طالبا لا واجدا وليس فى التعلم هذه الحركة فالمحتاج الى المنطق انما هو تحصيل العلوم بالنظر لا بطريق اخر ولما كانت العلوم بالقياس الا الأذهان متفاوتة الحصول كان الاحتياج الى المنطق يتفاوت بحسب ذلك قال الفصل الثاني أقول من مقدمات الشروع فى العلم ان يعلم موضوعه لأن تمايز العلوم بحسب تمايز الموضوعات فاذا علم ان اى شي ء هو موضوعه يتميز ذلك العلم عند الطالب فضل تميز حتى كانه احاط بجميع ابوابه احاطة ما ولما كان التصديق بالموضوعية مسبوقا بالتصور وجب تصدير الكلام بتعريف موضوع العلم فموضوع كل علم ما يبحث فى ذلك العلم عن اغراضه الذاتية كبدن الانسان لعلم الطلب فانه باحث عن احواله من جهة ما يصح ويزول عن الصحة وكافعال المكلفين لعلم الفقه فانه ناظر فيها من حيث تحل وتحرم وتصح وتفسد وهذا التعريف لا يتضح حق اتضاحه الا بعد بيان امور ثلاثة فالأول العرض وهو المحمول على الشي ء الخارج عنه الثاني العرض الذاتى وهو الذي يلحق الشي ء لما هو هواى لذاته كلحوق ادراك الأمور الغريبة للإنسان بالقوة او يلحقه بواسطة جزئه سواء كان اعم كلحوقه التحيز لكونه جسما او مساويا كلحوقه التكلم لكونه ناطقا او يلحقه بواسطة امر خارج مساو كلحوقه التعجب لإدراك الأمور العجيبة المستغربة واما ما يلحق الشي ء بواسطة امر اخص كلحوق للضحك للحيوان لكونه انسانا او بواسطة امر اعم خارج كلحوق الحركة للأبيض لأنه جسم فلا يسمى عرضا ذاتيا بل عرضا غريبا فهذه اقسام خمسة للعرض حصره المتأخرون فيها وبينوا الحصر بان العرض اما ان يعرض الشي ء اولا وبالذات او بواسطة والواسطة اما داخل فيه او خارج والخارج اما اعم منه او اخص او مساو وزاد بعض الافاضل قسما سادسا راى عده من الاعراض الغريبة اولى وهو ان يكون بواسطة امر مباين كالحرارة للجسم المسخن بالنار او شعاع الشمس والصواب ما ذكره فان قيل نحن نقسم العرض هكذا اما ان يلحق الشي ء لا بواسطة لحوق شي ء اخر او بتوسطه والوسط اما ان يكون داخلا فى الشي ء او خارجا الى اخر القسمة وحينئذ لا يمكن ان يكون الوسط مباينا لأن المباين لا يلحق الشي ء وايضا الوسط على ما عرفه الشيخ ما يقرن بقولنا لأنه حين يقال لانه كذا فلا بد من اعتبار الحمل والمباين لا يكون محمولا قلنا السؤال باق لأن العرض الذي يلحق الشي ء بلا توسط لحوق شي ء اخر او بلا وسط على ذلك التفسير لا يجب ان يكون عارضا لما هو هو لجواز ان يكون لأمر مباين بل الذي كان لشي ء ولم يكن لآخر ولا يكون للآخر الا وقد كان له فهو للشى ء اولا وبالذات وما لم يكن كذلك بل يكون له بسبب انه كان لشي ء اخر فهو له ثانيا وبواسطة سواء لم يباينه او باينته كما تقول جسم ابيض وسطح ابيض فالسطح ابيض بذاته والجسم ابيض لأن السطح ابيض وكما ان الحركة زمانية كذلك الجسم لكن الزمان له ثانيا ولو كان المراد هناك ما ذكروه لم يكن والتصورات والتصديقات هى التي يبحث فى المنطق عن اعراضها اللاحقة لما هى هى وهى كونه بحيث يوصل الى مجهول تصورى او تصديقى ايصالا قريبا او بعيدا فهى موضوع المنطق
مخ ۱۹
اثبات الأعراض الأولية من المطالب العلمية ضرورة ان الذي بلا وسط بذلك المعنى بين الثبوت والشبهة انما نشأت من عدم الفرق بين الوسط فى التصديق وبين الوسط فى الثبوت والشيخ صرح بذلك فى كتاب البرهان من منطق الشفاء مرارا وقال فرق بين المقدمة الأولية وبين مقدمة محمولها اولى لأن المقدمة الأولية ما لا يحتاج الى ان يكون بين موضوعها ومحمولها واسطة فى التصديق واما الذي نحن فيه فكثيرا ما يحتاج الى وسائط وفى تعريف العرض الذاتى على ما ذكروه نظر لأنهم عدوا ما يلحق الشي ء على جزئه الأعم منه وليس كذلك لأن الاعراض التي تعم الموضوع وغيره خارجة عن ان تفيده اثرا من الآثار المطلوبة له اذ تلك الآثار انما توجد فى الموضوع وهى توجد خارجة عنه او لا يرى ان علم الحساب انما جعل علما على حدة لأن له موضوعا على حدة وهو العدد فينظر صاحبه فيما يعرض له من جهة ما هو عدد فلو كان الحاسب ينظر فى العدد من جهة ما هو كم لكان موضوعه الكم لا العدد فالأولى ان يقال العرض الذاتى ما يلحق الشي ء لما هو هو او بواسطه امر يساويه كالفصل والعرض الأولى او يقال ما يختص بذات الشي ء ويشمل افراده اما على الإطلاق كما للمثلث من تساوى الزوايا الثلث لقائمتين او على سبيل التقابل كما للخط من الاستقامة والانحناء فمنه ما يحمل على كلية الموضوع لكن لا يكون ذلك الحمل لأمر اعم ومنه ما لا يكون كذلك لكن لا يحتاج فى عروضه الى أن يصير نوعا معينا يتهيأ لقبوله كما لا يحتاج الجسم فى ان يكون متحركا او ساكنا الى ان يصير حيوانا او انسانا بخلاف الضحك فانه يحتاج الى ان يصير انسانا وايضا منه ما هو لازم مثل قوة الضحك للإنسان ومنه ما هو مفارق كالضحك بالفعل ووجه التسمية اختصاصه بذات الشي ء وما لا يختص بالشي ء بل غرض له لامر اعم او يختص ولا يشمله بل يكون عارضا له لامر اخص يسمى عرضا قريبا لما فيه من الغرابة بالقياس الى ذات الشي ء الثالث البحث عن الاعراض الذاتية والمراد منه حملها اما على موضوع العلم او انواعه او اعراضه الذاتية او انواعها كالناقص فى علم الحساب على العدد والثلاثة والفرد وزوج الزوج فهى من حيث يقع البحث فيها يسمى مباحث ومن حيث يسئل عنها مسائل ومن حيث يطلب حصولها مطالب ومن حيث يستخرج من البراهين نتائج فالمسمى واحد وان اختلف العبارات بحسب اختلاف الاعتبارات واعلم ان ما عرف به المصنف موضوع العلم ليس يتناول الا الأعراض الأولية ويخرج عنه التي بواسطة امر مساو داخل او خارج والتعويل على ما شيدنا اركانه قال والتصورات والتصديقات أقول قد سبق الى بعض الأوهام ان موضوع المنطق الألفاظ من حيث انها تدل على المعانى وذلك لأنهم لما رأوا ان المنطق يقال فيه ان الحيوان الناطق مثلا قول الشارح والجزء الأول جنس والثاني فصل وان مثل قولنا كل ج ب وكل ب ا قياس والقضية الأولى صغرى والأخرى كبرى وهى مركبة من الموضوع والمحمول حسبوا ان هذه الأسماء كلها بازاء تلك الألفاظ فذهبوا الى انها هى موضوعه وليس كذلك لان نظر المنطقى ليس الا فى المعانى المعقولة ورعاية جانب الألفاظ انما هى بالعرض كما سيلوح به مقامه وذهب اهل التحقيق الى ان موضوعه المعقولات الثانية لا من حيث انها ما هى فى انفسها ولا من حيث انها موجودة فى الذهن فان ذلك وظيفة فلسفية بل من حيث انها توصل الى المجهول ويكون لها نفع فى ذلك الإيصال اما تصوير المعقولات الثانية فهو ان الوجود على نحوين فى الخارج وفى الذهن وكما ان الأشياء اذا كانت موجودة فى الخارج يعرض لها فى الوجود الخارجى عوارض مثل السواد والبياض والحركة والسكون كذلك اذا تمثلت فى العقل عرضت لها من حيث هى متمثلة فى العقل عوارض لا يحاذى بها امر فى الخارج كالكلية والجزئية فهى المسماة بالمعقولات الثانية لانها فى المرتبة الثانية من التعقل واما التصديق بموضوعيتها فلان المنطق يبحث فيه عن احوال الذاتى والعرضى والنوع والجنس والفصل والخاصة والعرض العام والحد والرسم والحملية والشرطية والقياس والاستقراء والتمثيل من الجهة المذكورة ولا شك انها معقولات ثانية فهى اذن موضوع المنطق وبحثه عن المعقولات الثالثة وما بعدها واعترض عليه اكثر المتاخرين بان المنطقى يبحث عن نفس المعقولات الثانية ايضا كالكلية والجزئية والذاتية والعرضية ونظائرها فلا تكون هى موضوعه ولذلك عدل صاحب الكشف والمصنف عن طريقة المحققين الى ما هو اعم فقالا موضوعه التصورات اى المعلومات التصورية والتصديقات اى المعلومات التصديقية لأن بحث المنطقى عن اعراضه الذاتية فانه يبحث عن التصورات من حيث انها توصل الى تصور مجهول ايضا لا قريبا اى بلا واسطة ضميمة كالحد والرسم وايصالا بعيدا ككونها كلية وذاتية وعرضية وجنسا وفصلا فان مجرد امر من هذه الأمور لا يوصل الى التصور ما لم ينضم اليه امر اخر يحصل منهما الحد والرسم ويبحث عن التصديقات من جهة انها توصل الى تصديق مجهول ايصالا قريبا كالقياس والاستقراء والتمثيل او بعيدا ككونها قضية وعكس قضية ونقيض قضية فانها ما لم ينضم اليها ضميمة لا توصل الى التصديق ويبحث عن التصورات من حيث انها توصل الى التصديق ايصالا ابعد ككونها موضوعات ومحمولات فانها انما توصل اليه اذا انضم اليها امر اخر يحصل منهما القضية ثم ينضم اليها ضميمة اخرى حتى يحصل القياس او الاستقراء او التمثيل ولا خفاء فى ان ايصال التصورات والتصديقات الى المطالب قريبا او بعيدا من العوارض الذاتية لها فتكون هى موضوع المنطق لا يقال لا مسئلة فى المنطق محمولها الايصال البعيد او الأبعد فلا يكون عرضا ذاتيا يبحث عنه فيه لأنا نقول المنطقى يبحث عن الأعراض الذاتية للتصورات والتصديقات لكن لما تعذر تعداد تلك الأعراض على سبيل التفصيل وكانت مشتركة فى معنى الإيصال عبر عنها على سبيل الإجمال قطعا للتطويل اللازم من التفصيل لا يقال كل ما يبحث عنه المنطقى اما تصور او تصديق والموصل قريبا الى التصور يسمى قولا شارحا والى التصديق حجة والاول مقدم وضعا لتقدم التصور على التصديق طبعا للعلم الأولى بان الحكم والمحكوم به وعليه ان لم يكن متصورا بوجه ما امتنع الحكم ولا يعتبر فى الحكم على الشي ء تصوره بحقيقته فقد يحكم على جسم معين بأنه شاغل لحيز معين مع الجهل بحقيقته
مخ ۲۱
من الحيثية المذكورة فلو جعل موضوعه التصورات والتصديقات يكون البحث عن نفس موضوعه لا عن عوارضه لانا نقول الحيثية المذكورة داخلة فى المسائل خارجة عن الموضوع فان اعتبرت الحيثية المذكورة على انها خارجة عن التصديقات لم تكن مبحوثا عنها وان اعتبرت على انها داخلة لم يلزم ان يكون البحث عن نفس الموضوع لخروجها عن التصورات والتصديقات التي هى موضوعات هذا تقرير كلامهم وفيه نظر لانهم ان ارادوا بان المنطقى يبحث عن الكلية والجزئية والذاتية والعرضية انه يبين تصوراتها فهو ليس من المسائل وذلك ظاهر وان ارادوا التصديق بها للأشياء فهو ليس من المنطق فى شي ء لا يقال المنطقى يبحث عن ان الكلى الطبعى موجود فى الخارج والنوع ماهية محصلة والجنس ماهية مبهمة والفصل علة للجنس واللازم البين وغيره موجودان فى الخارج الى غير ذلك مما ليس بحثا عن المعقولات الثانية لانا نقول لا نسلم انها من مسائل المنطق فان بحثه اما عن الموصلات الى المجهولات او عما ينفع فى ذلك الإيصال ومن البين ان لا دخل لها فى الايصال اصلا بل انما يبحث عنها اما على سبيل المبادى او على جهة تتميم الصناعة بما ليس منها او لإيضاح ما يكاد يخفى تصوره على اذهان المتعلمين على انهم ان عنوا بالمعلومات التصورية والتصديقية ما صدقتا عليه من الافراد يلزم ان يكون جميع المعرفات والحجج فى سائر العلوم بل فى جميع المعلومات التي من شأنها الإيصال موضوع المنطق وليس كذلك ضرورة أن المنطقى لا يبحث عنها اصلا وان عنوا بهما مفهوميهما يلزم ان لا يكون المنطق باحثا عن الاعراض الذاتية لهما لأن محمولات مسائله لا يلحقهما من حيث هما هما بل لأمر اخص فان الانقسام الى الجنس والفصل لا يعرض المعلوم التصورى الا من حيث انه ذاتي والإيصال الى الحقيقة المعرفة لا يلحقه الا لأنه حد وكذا الانعكاس الى السالبة الضرورية لا يعرض المعلوم التصديقى الا لأنه سالبة ضرورية وانتاج المطالب الأربعة لا يلحقه الا من حيث انه مرتب على هيئة الشكل الأول الى غير ذلك وليس لك ان تورد هذا السؤال على المعقولات الثانية فان البحث عن احوالها من حيث تنطبق على المعقولات الأولى وكان القانون المذكور فى تعريف المنطق يعرفك هذا القيد فلا تغفل عن النكتة قال والموصل قريبا الى التصور اقول قد تبين ان المنطق اما ناظر فى الموصل الى التصور ويسمى قولا شارحا لشرحه ماهية الشي ء واما ناظر فى الموصل الى التصديق ويسمى حجة لغلبة من تمسك بها من حجة اذا غلبه والنظر فى الموصل الى التصور اما فى مقدماته وهو باب ايساغوجى واما فى نفسه وهو باب التعريفات وكذلك النظر فى الموصل الى التصديق اما فيما يتوقف عليه وهو باب باري أرمينياس واما فى نفسه باعتبار الصورة وهو باب القياس وباعتبار المادة وهو باب من ابواب الصناعات الخمسة لأنه ان اوقع ظنا فهو الخطابة او يقينا فهو البرهان والا فان اعتبر فيه عموم الاعتراف او التسليم فهو الجدل والا فهو المغالطة واما الشعر فهو لا يوقع تصديقا ولكن لإفادته التخييل الجارى مجرى التصديق من حيث انه يؤثر فى النفس قبضا وبسطا عد فى الموصل الى التصديق وربما يضم اليها باب الألفاظ فيحصل الأبواب عشرة تسعة منها مقصودة بالذات وواحد مقصود بالعرض ثم لا بد من النظر فى ترتيب الأبواب وإن ايها يقدم وايها يؤخر فنقول ابواب الموصل الى التصور يستحق التقديم بحسب الوضع لأن الموصل الى المتصور التصورات والموصل الى التصديق التصديقات والتصور مقدم على التصديق طبعا فيجب تقديمه وضعا ليوافق الوضع الطبع ولما توقف بيان تقديم التصور بحسب الطبع على مقدمتين إحداهما ان التصديق موقوف على التصور وثانيتهما ان التصور ليس علة له لأن التقدم الطبعى هو ان يكون المتقدم بحيث يحتاج اليه المتاخر ولا يكون علة له وكان بيان المقدمة الثانية ظاهرا تركه المصنف واشتغل بالمقدمة الأولى وبيانها ان التصديق لا يتحقق الا بعد تصور المحكوم عليه وبه والحكم لأنه كلما كان احد هذه الأمور مجهولا امتنع الحكم بالارتباط وكلما امتنع الحكم بالارتباط امتنع تحقق التصديق لأن الحكم اما جزئه او نفسه ينتج انه كلما كان احد هذه الأمور مجهولا امتنع تحقق التصديق وينعكس بعكس النقيض الى قولنا كلما تحقق التصديق فلا بد ان يتحقق تصور كل واحد من الأمور الثلاثة فلئن قلت التصديق ليس يتوقف على تصور الحكم بل على نفسه اجيب عنه بان الحكم فعل من افعال النفس الاختيارية وقد تقرر فى الحكمة ان كل فعل اختيارى لا يوجد الا بعد تصوره ولا يلزم منه ان يكون اجزاء التصديق زائدة على الأربعة لجواز ان يكون شرطا على ما صرح به الكاتبى فى بعض تصانيفه والحق فى الجواب ان الحكم فيما بين القوم مقول بالاشتراك تارة على ايقاع النسبة الإيجابية وانتزاعها اعنى ثبوت احد الأمرين للآخر او عنده او منافاته اياه واخرى على نفس النسبة واستعماله فى الموضعين بالمعنيين تنبيه على ذلك وليس يعتبر فى الحكم على الشي ء تصور المحكوم عليه وبه والحكم بحقائقها بل يكفى حصول فان قيل الحكم على الشي ء لو استدعى تصوره بوجه ما صدق المجهول مطلقا يمتنع الحكم عليه وهو كاذب لان المحكوم عليه فيه ان كان مجهولا مط تناقض فكذب وان كان معلوما من وجه وكل معلوم من وجه
مخ ۲۳
تصوراتها بوجه ما فقد يحكم على جسم معين بأنه شاغل لحيز معين مع الجهل بانه انسان او فرس او حمار او غيرها واعلم ان بين العلم بالوجه وبين العلم بالشي ء من وجه فرقا وذلك لأن معنى الأول حصول الوجه عند العقل ومعنى الثاني ان الشي ء حاصل عند العقل لكن لا حصولا تاما فان التصور قابل للقوة والضعف كما اذا يتراءى لك شبح من بعيد فتصورته تصورا ما ثم يزداد انكشافا عندك بحسب تقاربك اليه الى ان يحصل فى عقلك كمال حقيقته ولو كان العلم بالوجه هو العلم بالشي ء من ذلك الوجه على ما ظنه من لا يحقق له لزم ان يكون جميع الأشياء معلومة لنا مع عدم توجه عقولنا اليها وذلك بين الاستحالة قال فان قيل الحكم اقول هذه شبهة اوردت على قولهم المحكوم عليه يجب ان يكون معلوما باعتبار ما وتقريرها ان يقال لو استدعى الحكم على الشي ء تصور المحكوم عليه بوجه ما لصدق قولنا كل مجهول مطلقا يمتنع الحكم عليه والتالى كاذب والمقدم مثله بيان الشرطية انه لو صدق كل محكوم عليه معلوم باعتبار ما بالضرورة لانعكس بعكس النقيض الى قولنا كل ما ليس بمعلوم باعتبار ما لا يكون محكوما عليه بالضرورة وهو معنى قولنا كل مجهول مطلقا يمتنع الحكم عليه وبيان كذب التالى ان المحكوم عليه فيه اما ان يكون مجهولا مطلقا او معلوما باعتبار ما واياما كان يلزم كذب التالى اما اذا كان المحكوم عليه مجهولا مطلقا فلصدق الحكم على المجهول مطلقا حينئذ فيصدق قولنا بعض المجهول مطلقا لا يمتنع الحكم عليه وقد كان كل مجهول مطلقا يمتنع الحكم عليه هذا خلف واما اذا كان معلوما باعتبار ما فلانتظامه مع قولنا كل معلوم باعتبار ما يصح الحكم عليه قياسا منتجا لقولنا المحكوم عليه فى هذه القضية يصح الحكم عليه وقد كان يمتنع الحكم عليه هذا ايضا خلف وانما قال فى الشق الأول تناقض فكذب وفى الثاني فكذب مقتصرا عليه لأن اللازم من الشق الأول ان بعض المجهول مطلقا لا يمتنع الحكم عليه وهو موافق للتالى فى الطرفين مخالف له فى الكيف فيتناقضان واللازم من الثاني ان المحكوم عليه فى هذه القضية يصح الحكم عليه وهو مخالف للتالى فى الموضوع والمحمول فلا يناقضه نعم يستلزم كذبه لأن المحكوم عليه فى هذه القضية هو المجهول مطلقا فيستحيل ان يحكم عليه بصحة الحكم وامتناعه معا ولم يقتصر على ايراد التناقض فى الاول لأن مطلوبه ليس اثبات التناقض بل كذب التالى فبعد التنبيه على التناقض صرح بثبوت المطلوب مفصحا عن التقريب وتحرير الجواب ان هذه القضية اى التالى فى الشرطية ان اخذت خارجية منعنا صدق يمكن الحكم عليه فقد كذب ايضا قلنا هذه القضية يمتنع صدقها خارجية لامتناع موضوعها فى الخارج فان كل ما وجد فى الخارج معلوم من وجه فيمتنع لزومها لمقدمها وصدقها حقيقية ممكن من غير تناقض
مخ ۲۴
الشرطية قوله لانعكاس الموجبة اليه قلنا لا نسلم انها تنعكس بعكس النقيض وانما يصدق العكس لو صدق موضوعه على موجود خارجى وهو ممنوع لأن ما وجد فى الخارج فهو معلوم ولو بكونه شيئا او موجودا وهذا بعينه هو المذكور فى بيان عدم انعكاس الموجبة الخارجية الى الموجبة على ما ستطلع على تفاصيله وما يقال من ان العلم بصفة الموجودية والشيئية لا يستلزم العلم بالموجودات لما ظهر من الفرق فكلام على السند وان اخذت حقيقية فالشرطية مسلمة وكذب التالى ممنوع قوله المحكوم عليه فيه اما ان يكون مجهولا مطلقا او معلوما باعتبار ما قلنا نختار انه معلوم باعتبار ما ونمنع الخلف فان صحة الحكم باعتبار انه معلوم باعتبار وامتناع الحكم على تقدير ان يكون مجهولا مطلقا هذا ان اخذ التالى موجبة اما ان اخذ سالبة كما يقال لو صح ما ذكرتم لصدق لا شي ء من المجهول مطلقا يصح الحكم عليه او موجبة سالبة الطرفين كما يقال لصدق كل ما ليس بمعلوم باعتبار ما ليس يصح الحكم عليه لم يتأت منع الملازمة لتبين الانعكاس وتعين منع كذب التالى والخلف لا يقال المحكوم عليه فى التالى ان كان معلوما باعتبار ما جاز اخذه خارجيا والا لم يستقم الحل على الشق الثاني لأنه خارج عن قانون التوجيه وقد يجاب عن الشبهة بوجوه اخر احدها ان المدعى كل ما هو محكوم عليه يجب ان يكون معلوما باعتبار ما ما دام محكوما عليه ويلزمه بحكم الانعكاس كل مجهول مطلقا يمتنع الحكم عليه ما دام مجهولا مطلقا وحينئذ يمتنع الخلف على كل واحد من الشقين اما على الشق الاول فلان اللازم حينئذ ليس بعض المجهول مطلقا يمتنع الحكم عليه وهذا لا يناقض كل مجهول مطلقا يمتنع الحكم عليه ما دام مجهولا مطلقا لأن المطلقة لا تناقض المشروطة واما على الشق الثاني فلان اللازم حينئذ ان المحكوم عليه فى هذه القضية يصح الحكم عليه حين هو معلوم باعتبار ما وهو لا ينافى ما ذكرنا من القضية وثانيها ان المجهول مطلقا شي ء موصوف بالمجهولية والمجهولية امر معلوم كما ان المعلومية امر معلوم فله اعتباران احدهما ما صدق عليه الوصف من هذه الحيثية والثاني ما صدق عليه لا من هذه الحيثية فبالاعتبار الأول يكون معلوما لأن الموصوف بالمجهولية يكون معلوما باعتبار الوصف كما ان الموصوف بالمعلومية معلوم باعتبار الوصف غير ان الموصوف بالمعلومية يكون معلوما باعتبار اخر والموصوف بالمجهولية لا يكون معلوما الا بذلك الاعتبار والحكم بامتناع الحكم يشتمل على اعتبارين الحكم وامتناعه فالمحكوم عليه فى قولنا المجهول مطلقا يمتنع الحكم عليه من حيث الحكم هو الماخوذ بالاعتبار الأول ومن حيث امتناع الحكم هو الماخوذ بالاعتبار الثاني فالموضوع فيهما مختلف فلا منافاة فلئن قلت اى جهة تفرض للحكم فهى جهة امتناع الحكم لأن الحكم ليس الا بامتناع الحكم فيكون من تلك الجهة محكوما عليه غير محكوم عليه هف فنقول المجهول المطلق محكوم عليه من حيثية بامتناع الحكم لأمن تلك الحيثية بل من حيثية اخرى فلا تناقض وثالثها ان المحكوم عليه فى التالى هو الحكم والمجهول مطلقا ما يتعين به المحكوم عليه وقد حكم عليه بنفس الامتناع كما يقال شريك الباري ممتنع واجتماع النقيضين محال فلئن قلت لو صدق قولنا الحكم على المجهول مط ممتنع لصدق قولنا كل مجهول مطلقا يمتنع الحكم عليه ويعود الالزام قلنا الحكم قد تعين للموضوعية سواء كان مقدما او مؤخرا كقولنا ابن زيد كاتب وزيد ابنه كاتب فان الموضوع فى كليهما ابن زيد فى الحقيقة فلئن قيل الاخبار عن زيد بان ابنه كاتب مغاير للاخبار عن ابن زيد بالكتابة نعم انهما متلازمان فى الصدق لكن التلازم لا يستلزم الاتحاد فنقول لا نسلم انهما متغايران فى الحقيقة بل لا تغاير الا فى اللفظ وهذا الجواب ظاهر الفساد لأن ما يمتنع الحكم عليه له مفهوم وكل مفهوم اذا نسب الى شي ء اخر يصدق عليه اما بالإيجاب او السلب لكن السلب غير صادق هناك فتعين الإيجاب ويمكن تقرير الشبهة بحيث يندفع عنها جميع الاجوبة كما يقال لو كان الحكم على الشي ء مشروطا بتصور المحكوم عليه بوجه ما صدق قولنا لا شي ء من المجهول مطلقا دائما بمحكوم عليه دائما والتالى باطل اما الملازمة فلانتفاء المشروط دائما بانتفاء الشرط دائما واما انتفاء التالى فلأنه يصدق على المجهول مطلقا دائما انه ممكن بالإمكان العام وشي ء واما موجود او معدوم الى غير ذلك ولأن كل مفهوم ينسب الى المجهول مطلقا فان ثبت له كان محكوما عليه بالإيجاب والا لكان الحكم واقعا عليه بالسلب فيكون المجهول مطلقا دائما محكوما عليه فى الجملة وقد كان ليس بمحكوم عليه دائما هذا خلف وايضا المحكوم عليه فى هذه القضية ان كان مجهولا مطلقا دائما يكون المجهول مطلقا دائما محكوما عليه فى الجملة وان كان معلوما باعتبار فى الجملة لم يكن مجهولا مطلقا دائما والكلام فيه والجواب الحاسم لمادة الشبهة ان المجهول مطلقا دائما معلوم بالذات مجهول مطلقا بحسب الفرض والحكم عليه وسلب الحكم عنه بالاعتبارين وهذا هو تحقيق ما ذكره المصنف لو تأملته ادنى تأمل
مخ ۲۵
[الفصل الثالث فى مباحث الألفاظ وهى ثلاثة]
الفصل الثالث فى مباحث الألفاظ وهى ثلاثة
[المبحث الأول فى الدلالات الثلث]
الأول فى الدلالة الوضعية دلالة اللفظ على تمام ما وضع له مطابقة وعلى جزئه تضمن وعلى الخارج عنه التزام لكن
مخ ۲۶
لتعقلته قال الفصل الثالث فى مباحث الألفاظ اقول ان للإنسان قوة عاقلة ينطبع فيها صور الأشياء من طرق الحواس او من طرق اخر فلها وجود فى الخارج ووجود فى العقل ولما كان الإنسان مدنيا بالطبع لا يمكن تعيشه الا بمشاركة من ابناء نوعه واعلامهم على ما فى ضميره من المقاصد والمصالح ولم يكن ما يتوصل به الى ذلك اخف من ان يكون فعلا ولم يكن اخف من ان يكون صوتا لعدم ثباته وازدحامه قاده الإلهام الإلهي الى استعمال الصوت وتقطيع الحروف بآلات معدة له ليدل غيره على ما عنده من المدركات بحسب تركيباتها على وجوه مختلفة وانحاء شتى ولأن الانتفاع بهذا الطريق مختص بالحاضرين وقد مس حاجة اخرى الى اطلاع الغائبين والموجودين فى الأزمنة الآتية على الأمور المعلومة لينتفعوا بها ولينضم اليها ما يقتضيه ضمائرهم فتكمل المصلحة والحكمة اذا كثر العلوم والصناعات انما كملت بتلاحق الأفكار لا جرم ادى تلك الحاجة الى ضرب اخر من الأعلام فوضعت اشكال الكتابة ايضا لأجل الدلالة على ما فى النفس الا انها وسطت الألفاظ بينها وبين ما فى النفس وإن امكن دلالتها عليه بلا توسط الألفاظ كما لو جعل للجوهر كتابة وللعرض كتابة اخرى لكن لو جعل كذلك لكان الإنسان ممنوا بان يحفظ الدلائل على ما فى النفس الفاظا ويحفظها نقوشا وفى ذلك مشقة عظيمة فقصد الى الحروف ووضع لها اشكال وركبت تركيب الحروف ليدل على الألفاظ فصارت الكتابة دالة على العبارة وهى على الصور الذهنية وهى على الأمور الخارجية لكن دلالتها على ما فى الخارج دلالة طبيعية لا يختلف لا الدال ولا المدلول بخلاف الدلالتين الباقيتين فانهما لما كانتا بحسب التواطؤ والوضع تختلفان بحسب اختلاف الأوضاع اما فى دلالة العبارة فالدال يختلف دون المدلول واما فى دلالة الكتابة فكلاهما يختلفان فيكون بين الكتابة والعبارة وبين العبارة والصور الذهنية علاقة غير طبيعية الا ان علاقة العبارة بالصور الذهنية ومن عادة القوم ان يسموها معانى احكمها واتقنها لكثرة الاحتياج اليها وتوقف الإفادة والاستفادة عليها حتى ان نعقل المعانى قلما ينفك عن تخيل الالفاظ وكان للفكر يناجى نفسه باأفاظ متخيلة فلاجل هذه العلاقة القوية صار البحث الكلى عن الألفاظ غير مختص بلغة دون لغة من مقدمات الشروع فى المنطق والا فالمنطقى من حيث انه منطقى لا شغل له بها فانه يبحث عن القول الشارح والحجة وكيفية ترتيبها وهو لا يتوقف عليها بل لو امكن تعلمها بفكرة من حيث هى كذلك احتراز عن اللفظ المشترك بين الكل والجزء وبين اللازم وملزومه ويعتبر فى الالتزام اللزوم الذهنى اذ لا فهم من دونه لا الخارجى لحصوله دونه كما فى العدم والملكة
مخ ۲۷