والكذب كذلك الأول لأن الفرق بالتعيين وعدمه لا يؤثر فى احتمال الصدق والكذب وعدمه واجاب بان معناه ليس ان شيئا ما غير معين فى نفسه وجد له المصدر والا لصدق بوجود المصدر لأى شي ء كان فى العالم فيمتنع حمله على زيد لان ما وضع لغير معين لا يصح اطلاقه على ما يقابله وفيه نظر اذ المراد بغير المعين ليس ما اعتبر فيه عدم التعين بل ما لا يعتبر فيه التعين وعدمه ولو صح ذلك كان المقدمة القائلة بأنه لصدق بوجود المصدر لأى شي ء كان مستدركة ويمكن ان يقال لو كان معناه ان شيئا ما وجد له المصدر لامتنع حمله على زيد لأن اسناد المصدر الى امر ما يوجب عدم انحصار صدقه فى الموضوع المعين واسناده الى الموضوع المعين يوجب انحصار صدقه فيه وتنافى اللوازم يدل على تنافى الملزومات فلو حمل على الموضوع المعين يلزم اجتماع المتنافيين وهو محال فاذن معناه ان شيئا ما معينا فى نفسه وعند القائل مجهولا عند السامع وجد المصدر فلم يحتمل الصدق والكذب ما لم يصرح بذلك المجهول بخلاف باقى لا الفاظ المضارعة لتعيين موضوعاتها هذا تقرير كلام الشيخ على ما نقله المصنف وصاحب الكشف ونحن نقول فى المنقول اشكال وفى النقل اختلال اما الاشكال فمن وجوه احدها ان يمشى او كان والا على ان شيئا ما معينا فى نفسه يمشى فاذا اطلق فلا بد ان يفهم هذا المعنى منه اذ لا معنى للدلالة الا الفهم ولا شك فى احتماله للصدق والكذب فان الحكم لا يستدعى الا تصور المحكوم عليه بوجه ما والسامع هاهنا عند سماعه متصور لشي ء غير معين عنده ومتعين فى نفسه جرمى الحكم عليه بأنه يمشى فلا بد من احتمال الصدق والكذب وثانيها انه ينتقض بمثل قولنا ضرب رجل فان رجلا شي ء معين فى نفسه مجهول التعين عند السامع فلو كان عدم التعين عند السامع يوجب عدم احتمال الصدق والكذب وجب ان لا يكون هذا خبر او ثالثها ان غاية ما فى كلامه عدم احتمال الصدق والكذب بالنسبة الى السامع لكن لا يلزم منه ان لا يكون محتملا لهما بالنظر الى مفهومه وهو المعتبر فى احتمال الخبر الصدق والكذب والا لم يكن مثل قولنا السماء فوقنا او تحتنا خبرا فانه لا يحتمل الكذب او الصدق عند الجميع فضلا عند السامع واما الاختلال فى النقل فيلوح بايراد ملخص كلامه وهو ان قولنا يمشى لا خفاء فى دلالته على موضوع غير معين فلا يخلو اما ان يكون معينا فى نفسه او غير معين بحيث يكون فى قوة قولنا شي ء ما يمشى والثاني باطل لوجهين الأول انه اذا قال القائل يمشى فلو كان معناه شي ء ما يمشى يكون صادقا ان كان فى العالم شي ء ما يمشى فى وقت ما وكاذبا ان سلب المشي عن جميع الأشياء دائما ومن البين انه ليس كذلك الثاني انه لو كان كذلك لم يصلح لأن يحمل على زيد حتى يكون زيد شي ء ما فى العالم يمشى لأن هذا التركيب ليس تقييديا حتى يكون فى قوة المفرد بل خبريا يمكن ان يدخل عليه ان فيمتنع الحمل فتعين ان ذلك الموضوع معين فى نفسه وكذا عند القائل لا بدلالة اللفظ فليس فى اللفظ دلالة على تعيين الموضوع فمدلوله لا يزيد على مفهوم الكلمة اعنى نسبة الحدث الى موضوع ما فما لم يصرح به ولم يتعين عند السامع لا يحتمل الصدق والكذب ولو تامل متأمل وانصف فى نفسه لا يجد بين يمشى ومشى تفاوتا فى ذلك فان كليهما يدلان على النسبة الى موضوع ما معين بحسب نفسه لا بحسب الدلالة بخلاف امشى فانه يدل على تعيين الموضوع وهو امر زائد على مفهوم الكلمة اذا عرفت هذا عرفت انهما خلطا احد الدليلين بالاخر وانه لو استعمل المصنف فى قوله فامتنع حمله على زيد الواو العاطفة مكان الفاء لأمكن تطبيق كلامه على كلامه وان ما نقلا من ان معناه ان شيئا معينا فى نفسه وعند القائل وجد له المصدر ليس على ما ينبغى وهو مناطا لإشكالات واما على الدليل الثاني فتوجيهه ان يقال هب ان تلك الزوائد تدل على معنى لكن لا نسلم ان هذا القدر يقتضى التركيب وانما يقتضيه لو كان الباقى من اللفظ يدل على الباقى من المعنى وليس كذلك فان الباقى من اللفظ لا يمكن الابتداء به فلا يمكن ان يتلفظ به فلا يكون لفظا او لا يكون لفظا دالا واجاب عنه بان هذا المنع مندفع لأن المركب ما يدل جزء لفظه على جزء معناه فيكفى فيه دلالة جزء واحد واما دلالة الباقى على الباقى فمما لا يقتضيه حد المركب وايضا من البين ان الباقى من اللفظ يدل على الباقى من المعنى حالة التركيب وهذا القدر كاف فى التركيب وتحرير ايراد المصنف اما على الأول فهو ان قوله المضارع المتكلم والمخاطب واياهما عنى باقى الألفاظ المضارعة محتمل للصدق والكذب ان اراد به ان مجرده محتمل لهما فهو ممنوع وان اراد به انه مع الضمير المستتر فيه كذلك فهو مسلم لكن لا يدل على تركيبه وهو ضعيف لأن اكثر الناس ممن لا وقوف لهم على علم النحو وتقدير الضمائر يطلقون تلك الألفاظ ويفهمون المعانى التامة ولو لا انها تدل بانفسها عليها لما كان كذلك واما على الثاني فهو انا لا نسلم ان المضارع المتكلم والمخاطب يدل جزئه على جزء معناه وقوله الهمزة والتاء والنون تدل على معنى زائد قلنا ينتقض بالمضارع الغائب فان الياء ايضا تدل على معنى زائد مع انه كلمة عنده وانت خبير بضعفه واورد الشيخ ايضا على نفسه الماضى والاسم المشتق فان كلا منهما حصل من مادة وهى الحروف تدل على الحدث وصورة مقترنة بها دالة على الموضوع واورد الإمام على قولهم الاسم يخبر عنه والفعل لا يخبر عنه ان قولك الفعل لا يخبر عنه المخبر عنه فيه ان كان اسما كذب وان كان فعلا تناقض وجوابه ان المراد ان الفعل لا يخبر عن معناه معبرا عنه بمجرد لفظه فالمخبر عنه فى قولنا الفعل لا يخبر عن معناه معبرا عنه بمجرد لفظه معنى الفعل لكن ما عبر عنه بلفظه بل بالاسم وهو قولنا الفعل ولو قلنا ضرب لا يخبر عن معناه معبرا عنه بمجرد لفظه كان المخبر عنه لفظ الفعل وهو قولنا ضرب لكون الضمير عائدا اليه ولو قلنا معنى ضرب لا يخبر عنه معبرا عنه بمجرد لفظه كان المخبر عنه معنى الفعل لكن عبر عنه لا بمجرد لفظه بل مضافا اليه غيره وهو قولنا معنى فلا تناقض في شي ء من ذلك
الغير المعين فيجب أن يكونا مركبين واجاب بانا لا ندعى ان دلالة الأجزاء كيف ما كانت تقتضى كون اللفظ مركبا بل المعتبر فى التركيب ان يكون هناك اجزاء تترتب اما الفاظ وحروف او مقاطع مسموعة تلتئم منها جملة والمادة مع الصورة ليست كذلك والمقطع منهم من فسره بحرف مع حركة او حرفين ثانيهما ساكن فضرب مركب من ثلاثة مقاطع وموسى من المقطعين وقد اغنى ذكر الحروف عنه ومنهم من فسره بالحركة الأعرابية وقد استعمله الشيخ فى الشفاء بازاء الحركة فالأولى تفسيره بالوقف لانه ينقطع عنده الكلام وقد يدل على امر معنى زائد يوجب التركيب وقال ايضا الاسم المعرب مركب لدلالة الحركة الأعرابية على معنى زائد ومما ذكر فى الكلمات بالغ بعض المتاخرين قائلا لا كلمة فى لغة العرب وزعم ان الفاظ المضارعة مركبة من اسمين او اسم وحرف لأن ما بعد حرف المضارعة ليس حرفا ولا فعلا والا لكان اما ماضيا او مضارعا اوامر او من الظاهر انه ليس كذلك فتعين ان يكون اسما وحرف المضارعة اما حرف او اسم وتحقيق ذلك واستقصاء النظر فيه الى اهل العربية فانه من الوظائف الجزئية ونظر هذا الفن كما سمعت لا يختص بلغة دون لغة بل كلى شامل السائر اللغات قال واورد الإمام اقول القوم قد زعموا ان الاسم يخبر عنه والفعل والحرف لا يخبر عنهما قال الإمام معترضا عليهم قولكم الفعل لا يخبر عنه خبر فالمخبر عنه اما ان يكون اسما او فعلا واياما كان يكون كاذبا اما اذا كان اسما فلأن كل اسم يصح ان يخبر عنه وكان لا يخبر عنه فيلزم الكذب واما اذا كان فعلا فلأنه اخبر عنه بأنه لا يخبر عنه فبعض الفعل يخبر عنه فيستلزم التناقض وقد سبق بيان الكذب والتناقض فى حديث المجهول مطلقا فلا يحتاج الى الإعادة وشرح الجواب مسبوق بتمهيد مقدمة وهى ان الاخبار عن الفعل اما عن لفظه وهو جايز كقولنا ضرب فعل ماض او عن معناه ولا يخلو اما ان يعبر عنه بلفظه اى بلفظ وضع بازائه او بغير لفظه ولا امتناع فى الثاني كقولنا معنى الفعل مقرون بالزمان والأول اما ان يكون بلفظه مع ضميمة وليس ايضا يمتنع كقولنا معنى ضرب غير معنى فى او بمجرد لفظه وهو غير جايز فالمراد بقولنا الفعل لا يخبر عنه ان الفعل لا يخبر عن معناه بمجرد لفظه وحينئذ نختار من الشقين ان المخبر عنه هاهنا الفعل قوله فبعض الفعل يخبر عنه ويلزم التناقض قلنا لا نسلم وانما يلزم لو كان المخبر عنه هاهنا معنى الفعل بمجرد لفظه وليس كذلك بل المخبر عنه معنى الفعل وعبر عنه بلفظ الاسم لجواز الاخبار عنه مطلقا وهو لفظ الفعل وما قيل من انه ان اريد بمعنى الفعل مثل ضرب فلا احتياج
مخ ۴۴