الثاني قيل دلالة الالتزام مهجون فى العلوم فان اريد به عدم الدلالة فقد بان بطلانه اذ لا معنى لدلالة اللفظ على المعنى الا فهمه منه وان اريد به الاصطلاح على عدم استعمال اللفظ فى مدلوله الالتزامى فكيف يطلب بالحجة وقد احتجوا عليه بأنها عقلية ونقضه الغزالى بالتضمن وتمسك بلا تناهى اللوازم ولأنهما لفظان لا استعمالان قال الثاني قيل دلالة الالتزام اقول قد اشتهر فى كلام القوم ان دلالة الالتزام مهجورة فى العلوم وانما قيدوا بالعلوم لأنها لم يهجر فى المحاورات فان ارادوا بذلك ان اللفظ لا دلالة له على اللازم البين فبطلانه بين اذ لا معنى لدلالة اللفظ على معنى الا فهمه منه واللازم البين منفهم من اللفظ قطعا وان ارادوا به الاصطلاح على عدم استعمال اللفظ فى المدلول الالتزامى فذلك مما لا يناقش فيه ولا يطلب بالحجة ويمكن ان يقال المراد منه امر ثالث وهو عدم استعمال اللفظ فى المدلول الالتزامى لا بطريق الاصطلاح فلا بد من تصحيحه بالدليل او نختار الأمر الثاني ونحمل المذكور فى معرض الاستدلال على بيان سبب الاصطلاح فانه لو لم يكن له سبب كان عبثا وقد احتجوا عليه بأنها عقلية اذ اللفظ لم يوضع بازاء المدلول الالتزامي فتكون مهجورة لأن الغرض من الألفاظ استفادة المعانى منها بطريق بالوضع ونقضه الغزالى بالتضمن وتوجيهه اما اجمالا فبان يقال دليلكم ليس بصحيح بجميع مقدماته اذ لو صح لزم ان يكون دلالة التضمن ايضا مهجورة لأنها ايضا عقلية فان قيل دلالة التضمن اقوى لكون مدلولها جزء من المسمى ولا يلزم من هجر الضعيف هجر الاقوى فنقول لما كانت العلة لهجرها كونها عقلية وهى متحققة فى دلالة التضمن يلزم هجرها بالضرورة قضاء بالعلة وان ضم اليها ضعفها اقتصرنا على المنع واما تفصيلا فبانه ان عنى بذلك كونها عقلية صرفة لا مدخل للوضع فيها فهو ممنوع ضرورة ان دلالة اللفظ على الخارج عن مسماه لا يكون الا بتوسط وضعه له وان غنى كونها بمشاركة من العقل فمسلم لكن لا يوجب هجرها كما فى دلالة التضمن وتمسك الغزالى فى ذلك بان الدلالة الالتزامية لو كانت معتبرة يلزم ان يكون للفظ واحد مدلولات غير متناهية والتالى باطل بيان الملازمة ان اللوازم غير متناهية لأن من لوازمه انه ليس كل واحد مما يغايره وهو غير متناه فاعتبارها يوجب اعتبار الغير المتناهى فى مدلول اللفظ اجاب الإمام يمنع الملازمة وانما يصدق ان لو اعتبر جميع اللوازم وليس كذلك بل المعتبر اللوازم البينة وهى متناهية فان قيل اللوازم البينة ايضا غير متناهية اما اولا فلان لكل شي ء لازما بينا واقله انه ليس غيره فكل شي ء فرض فله لازم وللازمه لازم فلكل شي ء لوازم بينة غير متناهية واما ثانيا فلان لكل شي ء لازما بالضرورة فذلك اللازم اما قريب او بعيد واياما كان ينتهى الى اللازم القريب فيكون لكل شي ء الازم قريب ويكون لذلك اللازم ايضا لازم قريب وهلم جرا و اجاب عنه الإمام بان البينة متناهية وتمسك بأنه ان اعتبر اللازم البين لم ينضبط لاختلافه بالاشخاص والا لم يفد اللازم وجوابه أنه لو اعتبر البين مط انضبط المدلول
كل لازم قريب فهو بين فيكون لكل شي ء لوازم بينة غير متناهية وليس له ان يقول غاية ما فى الباب فى هذا عدم تناهى اللوازم البينة بالمعنى الاعم والعبرة باللزوم البين بالمعنى الاخص لأنه ما اعتبر الا بالمعنى الأعم على ما مر فنقول لا نسلم ذهاب سلسلة اللزوم الى غير النهاية لجواز عودها بتلازم الشيئين من الطرفين بواسطة او بغير واسطه سلمناه لكن اللازم البين للازم البين للشي ء لا يجب ان يكون لازما بينا لذلك الشي ء فلا يلزم عدم تناهى اللوازم البينة لشي ء واحد والكلام فيه على ان التمسك لو صح لزم انتفاء الدلالة الالتزامية اذ يمكن ان يقال لو تحقق الالتزام يكون للفظ واحد مدلولات غير متناهية الى اخر ما ذكره وتمسك الإمام بان المعتبر فى الالتزام اما اللزوم البين او مطلق اللزوم وايا ما كان يكون دلالة الالتزام مهجورة فى العلوم اما اذا كان المعتبر اللزوم البين فلاختلافه باختلاف الاشخاص فلا يكاد ينضبط المدلول واما اذا كان المعتبر مطلق اللزوم فلعدم تناهى اللوازم وامتناع افادة اللفظ اياها كما ذكره الغزالى وجوابه انا نختار ان المعتبر اللزوم البين قوله فح لا ينضبط قلنا لا نم وانما لم ينضبط لو لم يعتبر بين مطلقا اى بالنسبة على جميع الاشخاص واما اذا اعتبر كما بين المتضائفين فلا خفاء فى الانضباط لا يقال المعتبر اما اللزوم البين المطلق او مطلق اللزوم البين واياما كان يلزم هجر الدلالة اما اذا كان المعتبر مطلق اللزوم البين فلما مر واما اذا كان اللزوم المطلق فلجواز تعدد اللوازم المطلقة فلم يتعين المراد لانا نقول اذا لم يتعدد يتعين المدلول وعدم الانضباط فى صورة لا يوجب هجر الدلالة مطلقا على ان الوضع بالقياس الى الأشخاص يختلف وغير المعنى الالتزامى يتعدد ايضا فلو اوجب الاختلاف والتعدد الهجر لم يكن لدلالة ما اعتبار والانصاف ان اللفظ اذا استعمل فى المدلول الالتزامى وان لم يكن هناك قرينة صارفة عن ارادة المدلول المطابقى دالة على المراد لم يصح اذا السابق الى الفهم من الألفاظ معانيها المطابقية فلم يعلم ان اللوازم مقصورة اما اذا قام قرينة معينة للمراد فلا خفاء فى جوازه غاية ما فى الباب لزوم التجوز لكنه مستفيض شايع فى العلوم حتى ان ائمة هذا الفن صرحوا بتجويزه فى التعريفات بل هم فى عين هذه الدعوى متجوزون اذ قد تبين ان المراد ليس انتفاء الدلالة بل عدم الاستعمال فلا يكون الدلالة مهجورة بل الاستعمال مهجور فاطلقوا الدلالة واراد والاستعمال وهذا البحث لا يختص بالمدلول الالتزامى بل هو جار فى ساير اللوازم والمعانى التضمنية وغيرها نعم انها مهجورة فى جواب ما هو اصطلاحا
مخ ۳۶