وربما يقرر الجواب بان المنطق قسمان ضرورى ونظرى وهو على ثلاثة اقسام اصطلاحات ينبه عليها بتغيير الفاظ وعبارات كالكلى والجزئى والجنس والفصل وما ينساق اليه الذهن لكونه من قبيل العلوم المتسقة المنتظمة وكلاهما لا يحتاج اكتسابهما الى المنطق وما من شأنه ان يتطرق اليه الغلط وهو قليل جدا فيستفاد من الضرورى بطريق ضرورى وهذا نسب بجواب السؤال على الوجه الذي قرره المصنف والتقرير الأول انسب بما ذكرنا فان قيل القسم الضرورى مع الطريق الضرورى ان كان كافيا فى اكتساب القسم النظرى كان كافيا فى سائر العلوم فلا حاجة الى المنطق والا افتقر اكتسابه الى قانون اخر لا يقال لا نسلم انه لو كفى فى الاكتساب فى المنطق يلزم ان يكون كافيا فى اكتساب جميع العلوم وانما يلزم لو كانت الافكار باسرها واردة على القسم الضرورى وليس كذلك لأنا نقول العلوم اما ان يتعلق بالقسم الضرورى او النظرى واياما كان يلزم ان يكون القسم الضرورى كافيا فى اكتسابها اما ان تعلقت بالقسم الضرورى فظاهر واما ان تعلقت بالنظرى فلأن القسم النظرى كاف فى اكتساب تلك العلوم والتقدير ان الضرورى كاف فى اكتسابه والكافى فى الكافى فى الشى ء كاف فى ذلك الشى ء فيكون الضرورى كافيا فى تلك العلوم ايضا لا يقال هب ان القسم الضرورى كاف فى ساير العلوم الا ان الاحاطة بجميع الطرق اصون للذهن عن الخطاء للقدرة حينئذ على التميز بين الصحيح والفاسد منها على اى ترتيب وقع ولا معنى للافتقار الى المنطق الا هذا القدر لأنا نقول القسم الضرورى اما ان يستقل باكتساب المجهولات بحيث لا يعرض الغلط فى الفكر البتة فاستغنى عن المنطق اولا يستقل فيحتاج الى قانون اخر قلنا لا نسلم ان القسم الضرورى مع الطريق الضرورى ان كفى فى ساير العلوم لم يفتقر الى المنطق اذ معنى الكفاية ان الضرورى مع طريقه اذا حصل لأحد تمكن من اكتساب النظرى من غير حاجة الى ضميمة واذا حصلا تمكن من اكتساب ساير العلوم بواسطتهما وهذا القدر لا ينافى الاحتياج اليهما بل يوجبه على ان الكافى فى الكافى فى الشي ء لا يجب ان يكون كافيا فيه لاحتياجه الى الواسطة ايضا وعلى اصل الشبهة منع اخر وهو انا لا نسلم ان المنطق لو كان ضروريا لم يعرض الغلط وانما يكون لو كان معلوما مراعى لكن لما لم يكن هذا الشق واقعا لم يتعرض له وتقرير الجواب عن الثاني ان المدعى كون المنطق محتاجا اليه فى الجملة ونمكن بعض الناس من الاكتساب بدونه لا ينفى الحاجة اليه فى الجملة ضرورة ان استغناء البعض عنه لا يوجب استغناء الكل كما ان استغناء الشاعر بالطبع عن علم العروض والبدوى عن علم النحو لا يقتضى استغناء غيرهما عنهما والتحقيق ان تحصيل العلوم بالنظر لا يتم بدون المنطق كما سبقت الإشارة اليه واما المؤيد من عند الله بالقوة القدسية فهو لا يحصل العلوم بالنظر بل بالحدس فهى بالقياس اليه ليست نظرية والكلام فى احتياج المطالب النظرية واعلم ان المجهولات تحصل معلومة اما بمجرد العقل اذا توجه اليها او مع الاستعانة بما يحضر فى الذهن عند حضورها او بقوة اخرى ظاهرة كما فى المحسوسات والتجربيات والمتواترات او باطنة كالوجدانيات والوهميات او بالحدس وهو ان يسنح المبادى المترتبة للذهن دفعة او بالنظر فيكون هناك مطلوب يتحرك النفس منه طلبا لمبادية ثم يرجع منها اليه او بالتعلم فلا يكون المبادى حاصلة بنظر او سنوح بل بسماعها من معلم فان قلت لا بد ان يكون هناك فكر لأن النفس تتفكر عند السماع فنقول المعلم اذا اورد قضية فتصور المعلم اطرافها فان لم يشك فيها تبع التصديق
مخ ۱۷