لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
خپرندوی
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
شمېره چاپونه
الثانية
د چاپ کال
۱۴۰۲ ه.ق
د خپرونکي ځای
دمشق
ژانرونه
عقائد او مذهبونه
﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ﴾ [هود: ١١٠] الْآيَةَ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ كَتَبَ مَا يُقَدِّرُهُ فِيمَا يُقَدِّرُهُ فِيهِ كَمَا قَالَ - تَعَالَى -: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄ إِنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - خَلَقَ الْخَلْقَ وَعَلِمَ مَا هُمْ عَامِلُونَ، ثُمَّ قَالَ لِعِلْمِهِ كُنْ كِتَابًا فَكَانَ كِتَابًا، ثُمَّ أَنْزَلَ تَصْدِيقَ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَفِي الْآيَةِ الْأُخْرَى ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾ [الحديد: ٢٢] قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَالْمُنْكِرُونَ لِهَذَا انْقَرَضُوا، وَهُمُ الَّذِينَ كَفَّرَهُمْ عَلَيْهِ الْإِمَامُ مَالِكٌ، وَالْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ، وَالْإِمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْأَئِمَّةِ ﵃، وَهُمُ الَّذِينَ قَالَ فِيهِمُ الشَّافِعِيُّ: إِنْ سَلَّمَ الْقَدَرِيَّةُ الْعِلْمَ خُصِمُوا.
يَعْنِي يُقَالُ لَهُمْ: أَيَجُوزُ أَنْ يَقَعَ فِي الْوُجُودِ خِلَافُ مَا تَضَمَّنَهُ الْعِلْمُ؟ فَإِنْ مَنَعُوا وَافَقُوا أَهْلَ السُّنَّةِ، وَإِنْ أَجَازُوا لَزِمَهُمْ نِسْبَةُ الْجَهْلِ إِلَى اللَّهِ - تَعَالَى - تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا. وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ ﵁ فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى -: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ﴾ [الأحزاب: ٧] هَذِهِ حُجَّةٌ عَلَى الْقَدَرِيَّةِ.
قَالَ الْإِمَامُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي الْبَدَائِعِ: أَرَادَ الْقَدَرِيَّةَ الْمُنْكِرَةَ لِلْعِلْمِ بِالْأَشْيَاءِ قَبْلَ كَوْنِهَا، وَهُمْ غُلَاتُهَا الَّذِينَ كَفَّرَهُمُ السَّلَفُ، وَإِلَّا فَلَا تَعَرُّضَ فِيهَا لِمَسْأَلَةِ خَلْقِ الْأَفْعَالِ. انْتَهَى. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: قَدِ انْقَرَضَ هَذَا الْمَذْهَبُ فَلَا نَعْرِفُ أَحَدًا يُنْسَبُ إِلَيْهِ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ. الثَّانِيَةُ مِنْ فِرْقَتَيِ الْقَدَرِيَّةِ: الْمُقِرُّونَ بِالْعِلْمِ، قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي فَتْحِ الْبَارِي: الْقَدَرِيَّةُ الْيَوْمَ مُطْبِقُونَ عَلَى أَنَّ اللَّهَ عَالِمٌ بِأَفْعَالِ الْعِبَادِ قَبْلَ وُقُوعِهَا، وَإِنَّمَا خَالَفُوا السَّلَفَ فِي زَعْمِهِمْ بِأَنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ مَقْدُورَةٌ لَهُمْ وَوَاقِعَةٌ مِنْهُمْ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِقْلَالِ، وَهُوَ مَعَ كَوْنِهِ مَذْهَبًا بَاطِلًا أَخَفُّ مِنَ الْمَذْهَبِ الْأَوَّلِ، قَالَ: وَالْمُتَأَخِّرُونَ مِنْهُمْ أَنْكَرُوا تَعَلُّقَ الْإِرَادَةِ بِأَفْعَالِ الْعِبَادِ فِرَارًا مِنْ تَعَلُّقِ الْقَدِيمِ بِالْمُحْدَثِ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ - قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ -: وَأَمَّا هَؤُلَاءِ - يَعْنِي الْفِرْقَةَ الثَّانِيَةَ - فَإِنَّهُمْ مُبْتَدِعُونَ ضَالُّونَ لَكِنَّهُمْ لَيْسُوا بِمَنْزِلَةِ أُولَئِكَ، قَالَ: وَفِي هَؤُلَاءِ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالْعُبَّادِ، كُتِبَ عَنْهُمْ، وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ لِجَمَاعَةٍ مِنْهُمْ، لَكِنْ مَنْ كَانَ دَاعِيَةً لَمْ يُخَرِّجُوا لَهُ، وَهَذَا مَذْهَبُ فُقَهَاءِ الْحَدِيثِ كَالْإِمَامِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ، وَمَنْ كَانَ دَاعِيَةً إِلَى بِدْعَةٍ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْعُقُوبَةَ لِدَفْعِ ضَرَرِهِ عَنِ النَّاسِ
1 / 301