لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
خپرندوی
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
شمېره چاپونه
الثانية
د چاپ کال
۱۴۰۲ ه.ق
د خپرونکي ځای
دمشق
ژانرونه
عقائد او مذهبونه
بْنِ عَبَّاسٍ وَوَائِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ ﵃، وَكَانَ أَكْثَرُهُ بِالْبَصْرَةِ وَالشَّامِ، وَقَلِيلٌ مِنْهُ بِالْحِجَازِ. فَأَكْثَرُ كَلَامِ السَّلَفِ فِي ذَمِّ هَؤُلَاءِ الْقَدَرِيَّةِ ; وَلِهَذَا قَالَ وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ: الْقَدَرِيَّةُ يَقُولُونَ: الْأَمْرُ مُسْتَقْبَلٌ، وَأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَقْدِرِ الْكِتَابَةَ وَالْأَعْمَالَ، وَالْمُرْجِئَةُ يَقُولُونَ: الْقَوْلُ يُجْزِي عَنِ الْعَمَلِ. والْجَهْمِيَّةُ يَقُولُونَ: الْمَعْرِفَةُ تُجْزِي عَنِ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ، قَالَ وَكِيعٌ: هُوَ كُلُّهُ الْكُفْرُ.
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَلَكِنْ لَمَّا اشْتَهَرَ الْكَلَامُ فِي الْقَدَرِ، وَدَخَلَ فِيهِ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ، وَالْعِبَادَةِ، صَارَ جُمْهُورُ الْقَدَرِيَّةِ يُقِرُّونَ بِتَقَدُّمِ الْعِلْمِ، وَإِنَّمَا يُنْكِرُونَ عُمُومَ الْمَشِيئَةِ، وَالْخَلْقِ. وَعَنْ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ فِي إِنْكَارِ الْكِتَابِ الْمُتَقَدِّمِ وَالسَّعَادَةِ - رِوَايَتَانِ.
[التنبيه الثاني الْقَدَرِيَّةُ فِرْقَتَانِ غلاة ودونهم]
الثَّانِي: الْقَدَرِيَّةُ فِرْقَتَانِ.
الْأَوْلَى: تُنْكِرُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ سَبْقِ الْعِلْمِ بِالْأَشْيَاءِ قَبْلَ وُجُودِهَا، وَتَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يُقَدِّرِ الْأُمُورَ أَزَلًا، وَلَمْ يَتَقَدَّمْ عِلْمُهُ بِهَا، وَإِنَّمَا يَأْتَنِفُهَا عِلْمًا حَالَ وُقُوعِهَا، وَكَانُوا يَقُولُونَ: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْعِبَادَ وَنَهَاهُمْ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ مَنْ يُطِيعُهُ مِمَّنْ يَعْصِيهِ، وَلَا مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِمَّنْ يَدْخُلُ النَّارَ حَتَّى فَعَلُوا ذَلِكَ، فَعَلِمَهُ بَعْدَ مَا فَعَلُوهُ ; وَلِهَذَا قَالُوا: الْأَمْرُ أُنُفٌ، أَيْ مُسْتَأْنَفٌ، يُقَالُ: رَوْضٌ أُنُفٌ إِذَا كَانَتْ وَافِيَةً لَمْ تُرْعَ قَبْلَ ذَلِكَ، يَعْنِي أَنَّهُ يَسْتَأْنِفُ الْعَمَلَ السَّعِيدُ وَالشَّقِيُّ، وَيَبْتَدِئُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ قَدْ تَقَدَّمَ بِذَلِكَ عِلْمٌ وَلَا كِتَابٌ، فَلَا يَكُونُ الْعَمَلُ عَلَى مَا قَدَّرَ، فَيَحْتَذِي بِهِ حَذْوَ الْقَدَرِ، بَلْ هُوَ أَمْرٌ مُسْتَأْنَفٌ مُبْتَدَأٌ، وَالْوَاحِدُ مِنَ النَّاسِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْمَلَ عَمَلًا قَدَّرَ فِي نَفْسِهِ مَا يُرِيدُ عَمَلَهُ، ثُمَّ يُوقِعُهُ كَمَا قَدَّرَ فِي نَفْسِهِ، وَرُبَّمَا أَظْهَرَ مَا قَدَّرَهُ فِي الْخَارِجِ بِصُورَتِهِ، وَيُسَمَّى هَذَا التَّقْدِيرُ الَّذِي فِي النَّفْسِ خَلْقًا، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَلَأَنْتَ تَفْرِي مَا خَلَقْتَ وَبِعْـ ... ـضُ النَّاسِ يَخْلُقُ ثُمَّ لَا يَفْرِي
يَقُولُ: إِذَا قَدَّرْتَ أَمْرًا أَمْضَيْتَهُ وَأَنْفَذْتَهُ، بِخِلَافِ غَيْرِكَ، فَإِنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ إِمْضَاءِ مَا يُقَدِّرُهُ، وَالرَّبُّ تَعَالَى أَوْلَى. قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى -: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾ [القمر: ٤٩] وَهُوَ - سُبْحَانَهُ - يَعْلَمُ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْأَشْيَاءَ كُلَّ مَا سَيَكُونُ، وَهُوَ يَخْلُقُ بِمَشِيئَتِهِ، فَهُوَ يَعْلَمُهُ وَيُرِيدُهُ، وَإِرَادَتُهُ - تَعَالَى - قَائِمَةٌ بِنَفْسِهِ، وَقَدْ يَتَكَلَّمُ بِهِ وَيُخْبِرُ بِهِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى -: ﴿لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [ص: ٨٥] وَقَالَ: ﴿وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى﴾ [طه: ١٢٩] وَقَالَ: ﴿وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ - إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ - وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ﴾ [الصافات: ١٧١ - ١٧٣] وَقَالَ:
1 / 300