لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
خپرندوی
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
شمېره چاپونه
الثانية
د چاپ کال
۱۴۰۲ ه.ق
د خپرونکي ځای
دمشق
ژانرونه
عقائد او مذهبونه
قَبْلَ ذَلِكَ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي الْأَجْوِبَةِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ: قَدْ أَخْبَرَتِ الْكُتُبُ الْإِلَهِيَّةُ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ، فَتِلْكَ الْأَيَّامُ السِّتَّةُ مُقَدَّرَةٌ بِحَرَكَةِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، فَإِنَّهُ فِيهَا خَلَقَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْأَفْلَاكَ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ بِقَدْرِ هَذِهِ الْأَيَّامِ، أَوْ كَانَ كُلُّ يَوْمٍ بِقَدْرِ أَلْفِ سَنَةٍ فَعَلَى الْقَوْلَيْنِ، لَيْسَ مِقْدَارُ هَذِهِ الْحَرَكَاتِ مَا خُلِقَ فِيهَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْكُتُبَ الْإِلَهِيَّةَ، وَالسُّنَّةَ النَّبَوِيَّةَ، وَإِجْمَاعَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ اللَّهَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ، فَإِنَّ كُلَّ مَا سِوَى اللَّهِ مَخْلُوقٌ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَصِفَاتُهُ تَعَالَى لَيْسَتْ خَارِجَةً عَنْ مُسَمَّى اسْمِهِ. وَتَقَدَّمَ.
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَلَيْسَ بَيْنَ أَهْلِ الْمِلَلِ خِلَافٌ فِي أَنَّ الْمَلَائِكَةَ جَمِيعَهُمْ مَخْلُوقُونَ، وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ ﵂ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: " «خُلِقَتْ الْمَلَائِكَةُ مِنْ نُورٍ، وَخُلِقَ إِبْلِيسُ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ، وَخُلِقَ آدَمُ مِمَّا وُصِفَ لَكُمْ» ".
وَقَالَ الْإِمَامُ الْمُحَقِّقُ شَمْسُ الدِّينِ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي كِتَابِهِ (إِغَاثَةِ اللَّهْفَانِ)، وَشَيْخُهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي (شَرْحِ الْأَصْبَهَانِيَّةِ): أَوَّلُ مَنْ عُرِفَ عَنْهُ الْقَوْلُ بِقِدَمِ الْعَالَمِ أَرِسْطُو، وَكَانَ ضَالًّا مُشْرِكًا يَعْبُدُ الْأَصْنَامَ - يَعْنِي الْمُصَوَّرَاتِ فِي هَيَاكِلِهِمْ عَلَى صُوَرِ الْكَوَاكِبِ السَّيَّارَةِ.
قَالَ: وَلَهُ فِي الْهَيْئَاتِ كَلَامٌ كُلُّهُ خَطَأٌ، قَدْ تَعَقَّبَهُ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ طَوَائِفُ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى الْجَهْمِيَّةُ وَالْمُعْتَزِلَةُ وَالْقَدَرِيَّةُ وَالرَّافِضَةُ وَفَلَاسِفَةُ الْإِسْلَامِ أَنْكَرُوهُ عَلَيْهِ.
قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: قَدْ جَاءَ فِي كَلَامِهِ بِمَا يَسْخَرُ مِنْهُ الْعُقَلَاءُ، فَأَنْكَرُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ تَعَالَى يَعْلَمُ شَيْئًا مِنَ الْمَوْجُودَاتِ، وَقَرَّرَ ذَلِكَ بِأَنْ لَوْ عَلِمَ شَيْئًا لَكَمُلَ بِمَعْلُومَاتِهِ، وَلَمْ يَكُنْ كَامِلًا فِي نَفْسِهِ، وَبِأَنَّهُ كَانَ يَلْحَقُهُ التَّعَبُ وَالْكَلَالُ مِنْ تَصَوُّرِ الْمَعْلُومَاتِ.
قَالَ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْقَيِّمِ - يَسْخَرُ بِهِ وَيَهْزَأُ مِنْهُ: فَهَذَا غَايَةُ عَقْدِ هَذَا الْمُعَلِّمِ وَالْأُسْتَاذِ، وَقَدْ حَكَى عَنْهُ ذَلِكَ أَبُو الْبَرَكَاتِ الْبَغْدَادِيُّ، فَيْلَسُوفُ الْإِسْلَامِ، وَبَالَغَ فِي إِبْطَالِ هَذِهِ الْحُجَجِ وَرَدِّهَا. قَالَ ابْنُ الْقِيَمِ: فَحَقِيقَةُ مَا كَانَ عَلَيْهِ هَذَا الْمُعَلِّمِ لِاتِّبَاعِهِ الْكُفْرَ بِاللَّهِ، وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَدَرَجَ عَلَى أَثَرِهِ أَتْبَاعُهُ مِنَ الْمَلَاحِدَةِ مِمَّنْ يَتَسَتَّرُ بِاتِّبَاعِ الرُّسُلِ، وَهُوَ مُنْحَلٌّ مِنْ كُلِّ مَا جَاءُوا بِهِ.
قَالَ: وَأَتْبَاعُهُ يُعَظِّمُونَهُ فَوْقَ مَا يُعَظَّمُ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ ﵈، وَيَرَوْنَ عَرْضَ مَا جَاءَتْ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ عَلَى كَلَامِهِ، فَمَا وَافَقَهُ مِنْهَا قَبِلُوهُ، وَمَا خَالَفَهُ لَمْ يَعْبَئُوا بِهِ
1 / 278