لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية

Muhammad ibn Ahmad as-Safarini d. 1188 AH
147

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية

خپرندوی

مؤسسة الخافقين ومكتبتها

د ایډیشن شمېره

الثانية

د چاپ کال

۱۴۰۲ ه.ق

د خپرونکي ځای

دمشق

قَوَامًا أَوْ مَقُومًا، فَلَا فَرْقَ إِلَّا فِي الْعِبَارَةِ. وَقَدْ عَارَضَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي بَعْضِ مَقَالَتِهِ، وَغَضَّ مِنْ بَعْضِ أَدِلَّتِهِ، فَمِمَّا اعْتَرَضَ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ مِنِ اتِّفَاقِ الْفَلَاسِفَةِ عَلَى أَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - عَالِمٌ بِالْكُلِّيَّاتِ، قَالَ: هُوَ اتِّفَاقُ ابْنِ سِينَا وَأَمْثَالِهِ بِخِلَافِ أَرِسْطُو وَأَتْبَاعِهِ. وَكَذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ قَوْلِهِمْ بِإِثْبَاتِ صُوَرِ الْمَعْلُومَاتِ لِذَاتِهِ، وَأَنَّهَا عَارِضَةٌ لِذَاتِهِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ سِينَا وَمُوَافِقِيهِ، صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْإِشَارَاتِ، وَهُوَ مِمَّا اعْتَرَفَ الْفَلَاسِفَةُ بِتَنَاقُضِ ابْنِ سِينَا وَأَمْثَالِهِ بِذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ تَوْحِيدِهِمْ وَنَفْيِ الصِّفَاتِ، حَيْثُ قَالُوا بِنَفْيِ الصِّفَاتِ الثُّبُوتِيَّةِ مُطْلَقًا، ثُمَّ قَالُوا بِإِثْبَاتِ صُوَرٍ وُجُودِيَّةٍ عِلْمِيَّةٍ قَائِمَةٍ بِذَاتِهِ، وَهُوَ تَصْرِيحٌ بِإِثْبَاتِ الْأُمُورِ الْوُجُودِيَّةِ الْقَائِمَةِ بِذَاتِهِ. ثُمَّ إِنَّ شَيْخَ الْإِسْلَامِ بَعْدَمَا أَفْسَدَ كَلَامَ الْفَلَاسِفَةِ، وَبَرْهَنَ عَلَى إِفْسَادِهِ، قَالَ: ثُمَّ إِنَّ نُظَّارَ الْمُسْلِمِينَ رَدُّوا عَلَيْهِمْ، أَمَّا الصِّفَاتِيَّةُ فَإِنَّهُمْ يَلْتَزِمُونَ إِثْبَاتَ الصِّفَاتِ، وَأَمَّا الْمُعْتَزِلَةُ وَإِنْ نَفَوُا الصِّفَاتِ، فَإِنَّهُمْ يَعْتَرِفُونَ بِمَا يَسْتَلْزِمُ إِثْبَاتَهَا، فَإِنَّهُمْ يُثْبِتُونَ كَوْنَهُ حَيًّا عَالِمًا قَادِرًا، وَهَذَا بِعَيْنِهِ يَسْتَلْزِمُ إِثْبَاتَ الصِّفَاتِ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: مَنْشَأُ الضَّلَالِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ أَنَّ مُسَمَّى وَاجِبِ الْوُجُودَ عَبَّرُوا بِهِ عَنْ عِدَّةِ مَعَانٍ: أَحَدُهَا الَّذِي يَكُونُ مَوْجُودًا بِنَفْسِهِ لَا يَفْتَقِرُ إِلَى مُبْدِعٍ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ وُجُودُ الْمُمْكِنَاتِ، وَالثَّانِي الَّذِي لَا يَكُونُ لَهُ تَعَلُّقٌ بِغَيْرِهِ، وَلَا مُلَازَمَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ، وَنَفْيُ الصِّفَاتِ إِنَّمَا يَكُونُ عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ لَا عَلَى الْمَعْنَى الْأَوَّلِ. ثُمَّ بَعْدَ كَلَامٍ كَثِيرٍ لِابْنِ تَيْمِيَّةَ - رَوَّحَ اللَّهُ رُوحَهُ - يَرُدُّ بِهِ عَلَى الْفَلَاسِفَةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَأَضْرَابِهِمْ، قَالَ: وَمِنَ الْمَعْلُومِ لِكُلِّ مَنْ عَرَفَ مَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ أَنَّ التَّوْحِيدَ الَّذِي أَرْسَلَ اللَّهُ بِهِ رُسُلَهُ وَأَنْزَلَ بِهِ كُتُبَهُ، لَمْ يَتَضَمَّنْ نَفْيَ صِفَاتِ اللَّهِ، بَلِ الْكُتُبُ الْإِلَهِيَّةُ مَمْلُوءَةٌ بِإِثْبَاتِ صِفَاتِ اللَّهِ - تَعَالَى، قَالَ: وَكَذَلِكَ الْعَقْلُ الصَّرِيحُ هُوَ مُوَافِقٌ لِمَا جَاءَتْ بِهِ الْكُتُبُ الْإِلَهِيَّةُ مِنْ إِثْبَاتِ صِفَاتِ الْكَمَالِ لِلَّهِ - تَعَالَى، وَقَوْلُ هَؤُلَاءِ بِامْتِنَاعِ إِثْبَاتِ وَاجِبَيْنِ أَوْ إِلَهَيْنِ قَدِيمَيْنِ لَفْظٌ فِيهِ إِجْمَالٌ وَإِبْهَامٌ، فَإِنْ أُرِيدَ بِذَلِكَ نَفْيُ إِلَهَيْنِ وَاجِبَيْنِ أَوْ إِلَهَيْنِ قَدِيمَيْنِ، فَهَذَا حُقٌّ لَا يُنَازِعُ فِيهِ مُسْلِمٌ، وَكَذَلِكَ إِنْ عَنَوْا نَفْيَ مَوْجُودَيْنِ قَائِمَيْنِ بِأَنْفُسِهِمَا وَاجِبَيْنِ أَوْ قَدِيمَيْنِ، فَهَذَا حَقٌّ، فَهُمْ وَإِنْ كَانَ هَذَا بَعْضَ مُرَادِهِمْ، فَلَمْ يَقْتَصِرُوا عَلَيْهِ، بَلْ أَرَادُوا نَفْيَ صِفَاتِ اللَّهِ الْوَاجِبَةِ الْقَدِيمَةِ كَعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ، وَحِينَئِذٍ فَنَفْيُ وَاجِبَيْنِ قَدِيمَيْنِ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ بَاطِلٌ، وَهُمْ قَدْ يَقُولُونَ

1 / 147