لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
خپرندوی
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
د ایډیشن شمېره
الثانية
د چاپ کال
۱۴۰۲ ه.ق
د خپرونکي ځای
دمشق
ژانرونه
عقائد او مذهبونه
الْقَائِلِينَ بِأَنَّهُ يَعْلَمُ بِالذَّاتِ، لَا بِصِفَةٍ زَائِدَةٍ عَلَيْهَا، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ صِفَاتِهِ زَائِدَةٌ عَلَى ذَاتِهِ وُرُودُ النُّصُوصِ بِأَنَّهُ - تَعَالَى - عَالِمٌ وَحَيٌّ وَقَادِرٌ وَنَحْوُهَا، وَكَوْنُهُ عَالِمًا يُعَلِّلُ بِقِيَامِ الْعِلْمِ بِهِ فِي الشَّاهِدِ، فَكَذَلِكَ فِي الْغَائِبِ، وَقِسْ عَلَيْهِ سَائِرَ الصِّفَاتِ، وَأَيْضًا فَالْعَالِمُ مَنْ قَامَ بِهِ الْعِلْمُ، وَالْقَادِرُ مَنْ قَامَتْ بِهِ الْقُدْرَةُ ٠ فَإِنْ قِيلَ: قِيَاسُ الْغَائِبِ عَلَى الشَّاهِدِ فِقْهِيٌّ، فَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ هُوَ قِيَاسٌ فِي الْجُمْلَةِ، قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِي شَرْحِ الْعَقِيدَةِ الْأَصْفَهَانِيَّةِ، عَنِ الْإِمَامِ الرَّازِيِّ فِي كِتَابِهِ نِهَايَةِ الْحُقُولِ، قَالَ نُفَاةُ الصِّفَاتِ: إِنَّ ذَاتَ اللَّهِ لَوْ كَانَتْ مَوْصُوفَةً بِصِفَاتٍ قَائِمَةٍ بِهَا، لَكَانَتِ الْحَقِيقَةُ الْإِلَهِيَّةُ مُرَكَّبَةً مِنْ تِلْكَ الذَّاتِ، وَمِنْ تِلْكَ الصِّفَاتِ، وَلَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ لَكَانَتْ مُمْكِنَةً ; لِأَنَّ كُلَّ حَقِيقَةٍ مُرَكَّبَةٍ فَهِيَ مُحْتَاجَةٌ إِلَى أَجْزَائِهَا، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أَجْزَائِهَا غَيْرُهَا، فَإِنَّ كُلَّ حَقِيقَةٍ مُرَكَّبَةٍ فَهِيَ مُحْتَاجَةٌ إِلَى غَيْرِهَا، وَذَلِكَ فِي حَقِّ اللَّهِ - تَعَالَى - مُحَالٌ، فَإِذَنْ يَسْتَحِيلُ اتِّصَافُ ذَاتِهِ بِالصِّفَاتِ. وَقَالَ الرَّازِيُّ فِي الْجَوَابِ عَنْ هَذَا: قَوْلُهُ يَلْزَمُ مِنْ إِثْبَاتِ الصِّفَاتِ وُقُوعُ الْكَثْرَةِ فِي الْحَقِيقَةِ الْإِلَهِيَّةِ، فَتَكُونُ تِلْكَ الْحَقِيقَةُ مُمْكِنَةً، قُلْنَا: إِنْ عَنَيْتُمْ بِهِ احْتِيَاجَ تِلْكَ الْحَقِيقَةِ إِلَى خَارِجِيٍّ فَلَا يَلْزَمُ؛ لِاحْتِمَالِ اسْتِنَادِ تِلْكَ الصِّفَاتِ إِلَى الذَّاتِ الْوَاجِبَةِ لِذَاتِهَا، وَإِنْ عَنَيْتُمْ تَوَقُّفَ الصِّفَاتِ فِي ثُبُوتِهَا عَلَى الذَّاتِ الْمَخْصُوصَةِ، فَذَلِكَ مِمَّا نَلْتَزِمُهُ، فَأَيْنَ الْمُحَالُ؟ وَأَيْضًا فَعِنْدَكُمُ الْإِضَافَاتُ صِفَاتٌ وُجُودِيَّةٌ فِي الْخَارِجِ، فَيَلْزَمُكُمْ مَا أَلْزَمْتُمُونَا ٠ ثُمَّ قَالَ الرَّازِيُّ: وَمِمَّا يُبَيِّنُ فَسَادَ عُقُولِ الْفَلَاسِفَةِ فِي قَوْلِهِمُ: الشَّيْءُ الْوَاحِدُ لَا يَكُونُ مُؤَثِّرًا وَقَابِلًا، أَنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ اللَّهَ عَالِمٌ بِالْكُلِّيَّاتِ. وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْعِلْمَ بِالشَّيْءِ عِبَارَةٌ عَنْ حُصُولِ صُورَةٍ مُسَاوِيَةٍ لِلْمَعْلُومِ فِي الْعَالِمِ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ صُوَرَ الْمَعْلُومَاتِ مُودَعَةٌ فِي ذَاتِ الْبَارِي - تَعَالَى - حَتَّى إِنَّ ابْنَ سِينَا قَالَ: إِنَّ تِلْكَ الصُّورَةَ إِذَا كَانَتْ دَاخِلَةً فِي الذَّاتِ بَلْ كَانَتْ مِنْ لَوَازِمِ الذَّاتِ، لَمْ يَلْزَمْ مِنْهَا مُحَالٌ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، فَذَاتُهُ مُؤَثِّرَةٌ فِي تِلْكَ الصُّوَرِ وَقَابِلَةٌ لَهَا، وَمَنْ كَانَ ذَلِكَ مَذْهَبًا لَهُ، كَيْفَ يُمْكِنُهُ إِنْكَارُ الصِّفَاتِ؟ .
قَالَ: وَبِالْجُمْلَةِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الصِّفَاتِيَّةِ وَبَيْنَ الْفَلَاسِفَةِ، إِلَّا أَنَّ الصِّفَاتِيَّةَ يَقُولُونَ: الصِّفَاتُ قَائِمَةٌ بِالذَّاتِ، وَالْفَلَاسِفَةُ يَقُولُونَ: هَذِهِ الصُّوَرُ الْعَقْلِيَّةُ عَوَارِضُ مَقُومَةٌ بِالذَّاتِ. فَالَّذِي يُسَمِّيهِ الصِّفَاتِيَّةُ صِفَةً يُسَمِّيهِ الْفَلْسَفِيُّ عَارِضًا، وَالَّذِي يُسَمِّيهُ الصِّفَاتِيُّ قِيَامًا، يُسَمِّيهِ الْفَلْسَفِيُّ
1 / 146