هذا، فكيف ينسب المبتدعون ذلك إلى ورثة الكتاب والسنة، وكل إمام منهم(ع)، يدعو إلى كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم -، كل من بلغته الدعوة، ومؤلفاتهم مشحونة بالأدلة، على وجوب اتباع الأدلة؟! ولكن لابد لكل مبتدع من دعوى (كلمة حق يراد بها باطل) أو تلفيق شبهة زيغ يستهوى بها الجاهل الغافل، وهذا هو لبس الحق بالباطل، الذي /21 ينهى عنه الملك العادل، بأمثال قوله عز وجل: {ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون (42)} [البقرة].
ولهذا تعين البيان، بحسب الإمكان؛ لما أخذ الله تعالى من
الميثاق في منزل الفرقان، وسنة سيد ولد عدنان؛ ولسنا والحمد لله نستنكر من غلبة الباطل وكثرة أهله، ولانستوحش لانقباض الحق وقلة حزبه، فإن سنة الله عز وجل في عباده، وعادته المستمرة في بلاده، التخلية بين خلقه في هذه الدار؛ ليتمكن الجميع من الاختيار، وقد أخر الجزاء لدر القرار.
[إشارة إلى انزواء الدنيا عن الخلاصة المصطفاة]
واقتضت حكمته الربانية قبض الدنيا عن خاصة أوليائه، وانزواءها عن خلاصة أصفيائه؛ ليكون الاتباع لخالص الدين، والطاعة لمحض اليقين.
وعلى كل حال فحزبه المنصورون وإن قهروا، وجنده الغالبون وإن غلبوا، كما قصه عز وجل في الكتاب المبين: {والعاقبة للمتقين (128)} [الأعراف].
وقد قال عمار، الذي يدور مع الحق حيثما دار رضوان الله عليه لما أخر عن المقام الذي اختاره الله تعالى له ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم إمامه وإمام الأبرار:
يا ناعي الإسلام قم فانعه .... قد مات عرف وبدا منكر
ما لقريش لا علا كعبها .... من قدموا اليوم ومن أخروا
مخ ۲۲