Book of Visits by Shaykh al-Islam Ibn Taymiyyah
كتاب الزيارة من أجوبة شيخ الإسلام ابن تيمية
ایډیټر
سيف الدين الكاتب
خپرندوی
دار مكتبة الحياة الطباعة والنشر
الحكم أن ذلك مشروع في حق المؤمنين. والقيام على قبره بعد الدفن هو من جنس الصلاة عليه قبل الدفن يراد به الدعاء له. وهذا هو الذي مضت به السنة، واستحبه السلف عند زيارة قبور الأنبياء والصالحين.
وأما ((الزيارة البدعية)) فهي من جنس الشرك والذريعة(١٧) إليه، كما فعل اليهود والنصارى عند قبور الأنبياء والصالحين، قال صلى الله عليه وسلم في الأحاديث المستفيضة(١٨) عنه في الصحاح والسنن والمسانيد: لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، يحذر ما صنعوا وقال: إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك وقال: إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء، والذين يتخذون القبور مساجد وقال: لعن الله زوارات القبور، والمتخذين عليها المساجد والسرج فإذا كان قد لعن من يتخذ قبور الأنبياء والصالحين مساجد امتنع أن يكون تحريها للدعاء مستحباً، لأن المكان الذي يستحب فيه الدعاء يستحب فيه الصلاة، لأن الدعاء عقب الصلاة أجوب(١٩). وليس في الشريعة مكان ينهى عن الصلاة عنده مع أنه يستحب الدعاء عنده.
وقد نص الأئمة كالشافعي وغيره على أن النهي عن ذلك معلل بخوف الفتنة بالقبر، لا بمجرد نجاسته، كما يظن ذلك بعض الناس؛ ولهذا كان السلف يأمرون بتسوية القبور وتعفية(٢٠) ما يفتتن به منها، كما أمر عمر بن
(١٧) الذريعة: الوسيلة.
(١٨) يقال: استفاض الخبر إذا انتشر، والأحاديث المستفيضة: الكثيرة المعروفة لانتشارها واشتهارها بين علماء الأمة.
(١٩) صيغة تفضيل من أجاب، يريد: حري بالإجابة لما صح في ذلك عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
(٢٠) التعفية: يقال: عفت الريح الأثر- بالتخفيف والتشديد: إذا محته ودرسته، وجعلته بمستوى العفاء، وهو تراب الأرض.
39