22

Book of Visits by Shaykh al-Islam Ibn Taymiyyah

كتاب الزيارة من أجوبة شيخ الإسلام ابن تيمية

ایډیټر

سيف الدين الكاتب

خپرندوی

دار مكتبة الحياة الطباعة والنشر

أحدهما: أن هذا تسليم منه أن هذا السفر ليس بعمل صالح، ولا قربة(٨) ولا طاعة، ولا هو من الحسنات. فإذاً من اعتقد أن السفر لزيارة قبور الأنبياء والصالحين قربة وعبادة وطاعة فقد خالف الإجماع. وإذا سافر لاعتقاد أن ذلك طاعة، كان ذلك محرماً بإجماع المسلمين. فصار التحريم من جهة اتخاذه قربة، ومعلوم أن أحداً لا يسافر إليها إلا لذلك(٩).

وأما إذا نذر الرجل أن يسافر إليها لغرض مباح، فهذا جائز، وليس من هذا الباب.

الوجه الثاني: أن هذا الحديث يقتضي النهي، والنهي يقتضي التحريم. وما ذكروه من الأحاديث في زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم فكلها ضعيفة، باتفاق أهل العلم بالحديث؛ بل هي موضوعة، لم يرو أحد من أهل السنن المعتمدة شيئاً منها، ولم يحتج أحد من الأئمة بشيء منها، بل مالك - إمام أهل المدينة النبوية والذين هم أعلم الناس بحكم هذه المسألة - كره أن يقول الرجل: زرت قبره صلى الله عليه وسلم، ولو كان هذا اللفظ معروفاً عندهم(١٠)، أو مشروعاً، أو مأثوراً عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكرهه عالم أهل المدينة.

والإمام أحمد أعلم الناس في زمانه بالسنة: لما سئل عن ذلك لم يكن عنده ما يعتمد عليه في ذلك من الأحاديث، إلا حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من رجل يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام)) وعلى هذا اعتمد أبو داود في سننه. وكذلك مالك في الموطأ،

(٨) القربة: ما يُتَقَرب به إلى الله طلباً به عنده - سبحانه -

(٩) أي أننا نعلم من حال من يفعلون ذلك أنهم إنما يريدون بسفرهم إلى القبر اتخاذه قربة.

(١٠) قوله: معروفاً عندهم، أي لو كان مما تناقلوه عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهم أكثر الناس فطنة لمعرفة ذلك.

22