" يروي " عن ابي أمامة عن عائشة رضي الله تعالى عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يقولن أحدكم خبثت نفسي وليقل لقست نفسي " ويروي " ان بني قريظة وكعب بن أسعد لما عاقدوا النبي صلى الله عليه وسلم على الموادعة قبلها منهم فلما كان عام الخندق أتاهم جبير بن أخطب وحملهم على نقض العهود فنقضوها واتى الخبر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فبعث رجالا ليتعرفوا الخبر وقال لهم ان كان حقا فالحنوا به الي لحنا اعرفه ولا تفتوا في اعضاد الناس وان كانوا على الوفاء فصرحوا واجهروا به فأتوهم فحرقوا كتابهم الذي عاقدوا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجع القوم فقالوا عضل أو القارة يكنون عن أنهم غدروا كما غدرت عضل والقارة وهم بنو الهوز بن خزيمة قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا انا فينا برسول الله اسلاما فابعث الينا نفر من أصحابك يعلموننا فبعث معهم سبعة نفر اميرهم مرثد فلما كانوا ببطن الرجيع وهو ماء لبني هذيل قال العضليون لمرثد اقيموا حتى نرتاد لكم منزلا ومضوا حتى اتوا بني لحيان فقالوا هؤلاء نفر من أصحاب محمد ندلكم عليهم على ان ما أصبتم من هذا بيننا وبينكم قالوا نعم فاستأثر بعضهم وأبى بعض فقتلوا من لم يستأثر فهذه قصة عضل والقارة وكان اصحاب رسول الله عليه وسلم إذا قعدوا عنده كان على رؤوسهم الطير فانبرى يوما حسان فانشده قول الاعشى
كلا ابويكم كان فرعي دعامة
ولكنهم زادوا واصبحت ناقصا
تبيتون في الشتاة ملأى بطونكم
وجاراتكم غرثي يبتن خمائصا
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تنشد هجاء علقمة فان ابا سفيان شغب مني عند هرقل فغرب عليه علقمة فقال حسان يا رسول الله من نالتك يده وجب علينا شكره فما سمع في الكناية عن الوقيعة بأحسن من قوله شغب منى ولا في الكناية عن الانكار والاحتجاج كقوله فغرب عليه ولا في الاعتذار كقول حسان من نالتك يده وجب علينا شكره
" فصل في ضد الكناية " ومعناه تقبيح الحسن كما ان معنى الكناية تحسين القبيح
" دخل " بعض الظرفاء كرما فنظر إلى الحصرم فقال اللهم سود وجهه واقطع عنقه واسقني من دمه ويقال ان سليمان ابن كثير قاله وقد جري بين يديه ذكر ابي مسلم الخراساني فنمى الحديث إلى ابي مسلم فعاتبه عليه فانكر ان يكون قاله فيه فقال ابو مسلم اخبرني الثقة عنك بهذا فقال نعم قلته ولكن في كرم كذا لما نظرت إلى الحصرم فاسأل الحاكي عن ذلك فان ذكر لك حديث الكرم فصدقني فان ذكر لك اني قلته في مكان سوى الكرم فالامر على ما ظننت وقد نظم بعض هذا النثر من لم يوفه حقه اذ قال
مررت على عنقود كرم معلق
يقطر بل يوما وقد كان حصرما
فقلت اراني الله وجهك اسودا
وأسقيت يا عنقود من جوفك الدما
" مر ابن مكرم " على ابي العيناء وهو على مصلى له فاراد ان يجلس عليه معه فقال لا تقدر على مصلاي فقال بل هو متمرغ فسقك " ولما ولى " سعيد بن حميد ديوان البريد بالحضرة قال فيه أبو علي البصير
بأبي نفس سعيد
انا نفس شريفة
لم يزل يحتال حتى
صار غماز الخليفة
" فصل فيما شذ عن الكتاب من كنايات لاهل بغداد "
" يكون " عن اللحية بالمحاسن فيقولون لمن بلحيته قذاة يدك على محاسنك " ويكنون " عن الزينة شتمة بالزاي قال بعض اهل العصر
صديق لنا قد كساه الزما
ن ثياب الغنى رافع شأنه
نراه غليظ مزاج الكلام
إذا كسر التيه أجفانه
يخاطب بالكاف اخوانه
ويشتم بالزاي غلمانه
" ويقولون " فيمن يسخر به وهو لا يدري رقص في زورقه " ويدعون " على من يعاودونه فيقولون سلط الله عليه ما يجتر يعنون السبع ويكنون عن القواد بالنقيب قال الصاحب
يا بن يعقوب يا نقيب البدور
كن شفيعي إلى فتي مسرور
قل له ان للجمال زكاة
فتصدق بها على المهجور
" فصل في فنون من التعريضات "
مخ ۸۲