وسمعت أبا زكريا يحيى بن اسماعيل الحربي يقول قد كنى عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن استخراج الخراج والعشر وسائر حقوق بيت المال بقوله وأدروا لقحة المسلمين أدار بلقحتهم درة الفيء والخراج التي منها عطاياهم " ومن ذلك " أن سيدنا عثمان بن عفان لما ولي الخلافة عزل عمر ابن العاص عن مصر وكان اميرا عليها من يوم فتحها في خلافة الفاروق إلى أن ولى عثمان وولي مكانه عبد الله بن سعد بن ابي سرح فارسل الخراج لسنة أربعة عشر ألف ألف دينار وعمرو بن العاص حاضر اذ ذاك عند عثمان وكان عمرو يرسلها ثلاثة عشر ألف ألف دينار فقال عثمان قد درت اللقحة يا عمرو قال نعم يا أمير المؤمنين ولكنكم أجحفتم بفصالها
" فصل في الكناية عما يتطير من لفظه "
يكنى عن اللديغ بالسليم وعن الاعمى بالبصير وعن المهلكة بالمفازة وعن ملك الموت بأبي يحيى وقد ظرف الصاحب في وصف أخوين مليح وقبيح حيث قال
يحيى حكى المحيار ولكن له
أخ حكى وجه أبي يحيي
ويكني عن الحبشي بأبي البيضاء كما قال الشاعر
أبو صالح ضد اسمه واكتنائه
كما قد ترى الزنجي يدعي بعنبر
ويكني أبا البيضاء واللون حالك
ولكنهم جاؤا به للتطير
ولما ورد الخبر على المنصور يخرج محمد بن ابراهيم بن عبد الله بن الحسن بالبصرة وهو في بستان له ببغداد نظر إلى شجرة فقال للربيع ما اسم هذه الشجرة فقال طاعة ياأمير المؤمنين وكانت خلافا فتفال المنصور بذلك وعجب من ذكائه " ونظير " هذه الكناية وان كانت في ليست معناها ما يحكي اذ رجلا مر في صحن دار رشيد ومعه حزمة خيزران فقال الرشيد للفضل بن الربيع ما ذاك فقال عروق الرماح ياأمير المؤمنين وكره ان يقول الخيزران لموافقته اسم والدة الرشيد " فأما " الكناية عما لا ينبغي ان يكنى عنه فهاهنا حكاية فيها ذكر ابن عبدوس في كتاب الوزراء والكتاب انه عرض على المتوكل أسماء جماعة من الكتاب ليقلدوا الاعمال فكان ممن عرض عليه اسم طماس بن أخي ابراهيم بن العباس فضرب عليه وقال لا يولى ولا كرامة فانه يبكي الحجامة ويسمى الشمس العدوة ويكنى عن الحية بالطويلة وعن الجن بعمار الدار
" فصل في الكناية عن مرمة البدن "
سمعت الطبري يقول كنت يوما بين يدي سيف الدولة بحلب فدخل عليه ابن عم له فاستبطأه الامير وقال له أين كنت اليوم وبم انشغلت فقال ايد الله مولانا حلقت رأسي وأصلحت شعري وقلمت اظفاري فقال له قلت أخذت من اطرافي كان أوجز وابلغ وأحسن من هذا قول الله تعالى ثم ليقضوا تفئهم قال ابو منصور الازهري في كتاب تهذيب اللغة لم يفسر أحد من اللغويين التفث كما فسره النضر بن شميل اذ جعل التفث الشعث وجعل قضاءه اذهابه بدخول الحمام والحلق والاخذ من الشعر ونتف الابط وحلق العانة " ومن لطائف " الاطباء كناياتهم عن الاسهال بالاستفراغ وعن القيء بالتعالج " ووجدت " بخط ابي الحسن السلامي في دفتر من منتخب شعره اتحف به أبا الحسن محمد بن عبد الله الكرخي ابياتا له بديعة في الكناية عن النورة
لما التحى اضحت عمامته السوداء تحكي محضر الحنك
وصار يحتال أو بلين بحلق الشعر عن ردفه أو الفتك
في كل يوم تراه متزرا
بالروض بين الحياض والبرك
وما علمنا بانه قمر
حتى اكتسي قطعة من الفلك
" فصل فيما شذ من هذا الباب من كنايات اخبار النبي صلى الله عليه وسلم "
مخ ۸۱