قد كنى الله تعالى عنها بقوله أو جاء احد منكم من الغائط - والغائط - المكان المطمئن من الارض وكانوا يأتونه تسترا وانتباذا ثم كثر ذلك في كلامهم حتى سموا الحدث باسمه واشتقوا منه الفعل تغوط " ومن " كنايات العامة عن الحاجة إلى دخول الخلا قولهم له حاجة لا يقضيها غيره " ومن " لطائف الاطباء كنايتهم عن حشو الامعاء بالطبيعة والبراز وعن سيلان الطبيعة الخلفة وعن القيام لها الاختلاف " ومنه " قول ابي العيناء وقد سئل فقيل إلى من يختلف فقال إلى من يختلف عليه.. وقد تكني الاطباء عن البول بالماء والدليل وعن القئ بالتعالج " وقال " بعض المفسرين في قول الله تعالى " كانا يأكلان الطعام " وقوله " ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الاسواق " انما هو كناية عن الحدث لان من اكل فلا بد له من عاقبة الاكل ونفض الفضل " وقد " عابهم الجاحظ بهذا التفسير وقال كأنهم لم يعلموا ان مس الجوع وما ينال أهله من الذلة والعجز أدل دليل على انهم مخلوقون حتى يدعوا على الكلام شيأ قد أغناهم الله عنه " وعلى " ذكر التفسير فقد قال لي أبو النصر محمد بن عبد الجبار القبي سألني بعض أهل جرجان عن تفسير قوله تعالى " وقالوا ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الاسواق " فقلت يعني انه ليس بملك ولا ملك وذلك ان الملائكة لا يأكلون ولا يشربون والملوك لا يتسوقون ولا يتبذلون فعجبوا ان يكون مثلهم في الحال يمتاز من بينهم في علو المحل والجلالة والله أعلم حيث يجعل رسالته " وقرأت " في كتاب المستنير ان أبا تمام والخثعمي اجتمعا في مجلس أنس فقام أبو تمام إلى الخلا فقال له الخثعمي ندخلك فقال نعم وأخرجك فتعجب الحاضرون من هذا الابتداء البديع والجواب العجيب السريع " ومما " يشبه هذه الحكاية ما حدثنيه أبو النصر سهل بن المرزبان فقال دخل ابن مكرم الي أبي العيناء فسأله ان يقيم عنده فقال ابن مكرم اذهب واتوضأ فقال ابو العيناء إذا لا يعود الينا منك شئ أي لانه كله حدث وينشد أصحاب المعاني لابي صعترة
هم منحوك طول الليل سقيا
خبيث الريح من خمر وماء
يكنى عن انهم ضربوه وهو سكران حتى احدث..وكان بشر المريسي يقول إذا قيل له فلان قد وضع كتابا الوضع وضعان احدهما له افتخار والآخر له بخار يريد قول القائل
مررت بدارها فوضعت فيها
كجثمان القطاة له بخار
وكتب بعض الظرفاء إلى شارب دواء
ابن لي كيف أصبحت
على حال من الحال
وكم سارت بك الناقة
نحو المنزل الخالي
وكتب مؤلف الكتاب إلى المجلس العالي آنسه الله في يوم أخذ فيه دواء
يا مالكا حاز أصله الشرفا
فلم يدع منه للوري طرفا
لما أخذت الدواء والطالع الس
عد على العزم منك قد وقفا
صقلت سيف العلي وصفيت تبر
السمجد والعيش منك صفا
لا زلت تحسو السرور في مهل
وتنفض اليهم عنك والدنفا
والعرب تقول لا رأى لحاقن ولا لحاقب - والحاقن - كناية عمن به بول - والحاقب - كناية عن الذي احتاج إلى الخلاء فلم يتبرز شبه بالبعير الحاقب الذي دنا الحقب من قبله فمنعه ان يبول.. وقد ملح منصور الفقيه في الكناية عن الحدث بقوله
تنبه فجسمك من نطفة
وأنت وعاء لما تعلم
" فصل في الكناية عن المكان التي تقضي تلك الحاجة اليه "
يكنى عنه بالحش وهو البستان وبالمستراح والمبرز والمذهب والمتوضأ والميضاء.. وما أحسن ما سمعت في ذلك وأصدقه قول أبي الفتح البكتمري
أحق بيت من بيوت الورى
يصونه قدما واستاره
بيت إذا ما زاره زائر
فقد قضى أعظم أوطاره
يدخله المولى بخزكما
يدخله العبد باطماره
وهو إذا ما كان مستنظفا
مروة الانسان في داره
مخ ۷۰