فقال الملك مبتسما: كما تشاء يا صاحب القداسة!
وأشار الكاهن إلى كاهنين إشارة خاصة؛ فمضيا إلى حجرة المخلفات، وعادا يحملان صندوقا صغيرا من الذهب تطلعت إليه الأبصار جميعا، واقترب منهما نوفر آمون وفتح الصندوق في أناة ورفق، فرأت الأعين بداخله تاجا فرعونيا، تاج مصر المزدوج، فاتسعت الأعين دهشة وتبودلت النظرات، وحنى نوفر آمون هامته لمولاه وقال بصوت متهدج: مولاي هذا تاج الملك تيمايوس.
فتصايح القوم قائلين: «تاج الملك تيمايوس ...» فقال نوفر آمون بحماس وقوة: نعم يا مولاي، هذا تاج تيمايوس آخر فرعون حكم مصر المتحدة وبلاد النوبة قبل غزو الرعاة لوطننا، وقد شاءت حكمة الرب أن تحل نقمته ببلادنا في عهده، فسقط هذا التاج الكريم عن رأسه بعد أن أبلى في الدفاع أشد البلاء، ففقد العرش وصاحبه واحتفظ بشرفه، لذلك رفعه أسلافنا إلى هذا المعبد ليأخذ مكانه بين المخلفات المقدسة، ولقد مات صاحبه بطلا شهيدا فهو جدير برأسك الكبير: وإني أتوجك به أيها الملك سيكننرع، يا ابن توتيشيري الأم المقدسة، وأنادي بك ملكا على مصر العليا والسفلى وبلاد النوبة، وأدعوك باسم الرب آمون وذكرى تيمايوس وأهل الجنوب أن تنفر إلى قتال عدوك وتحرير وادي النيل الطاهر المحبوب!
ودنا الكاهن الأكبر من الملك وخلع عن رأسه تاج مصر الأبيض وسلمه إلى أحد رجال الكهنوت، ثم رفع تاج مصر المزدوج بين التهليل والتكبير ووضعه على رأسه المجعد، ثم صاح هاتفا: «ليحيى سيكننرع فرعون مصر». فردد القوم هتافه، وهرع كاهن إلى خارج المعبد وهتف لفرعون مصر سيكننرع، فردد الطيبيون الهتاف في حماسة مستعرة، ثم هتف بقتال الرعاة وأجابه القوم بأصوات كالرعد، وقد أيقنوا بما كانوا منه في شك.
وحيا فرعون الكهنة، ثم اتجه نحو باب المعبد تتبعه أسرته ورجال قصره ووجوه المملكة الجنوبية.
7
وعلى أثر وصول فرعون إلى قصره دعا إلى الاجتماع به رئيس وزرائه وكبير الكهنة ورئيس حجاب القصر وقائدي الجيش والأسطول وقال لهم: إن سفينة خيان تسبح به نحو الشمال سريعا، وسنتعرض للغزو على أثر اجتيازه حدود الجنوب، فينبغي ألا نضيع ساعة من وقتنا.
والتفت إلى قائد الأسطول كاف وقال: أرجو أن تجد مهمتك يسيرة على سطح الماء، فالرعاة تلاميذنا في القتال في السفن، هيئ سفنك للحرب وأبحر بها نحو الشمال!
فأدى القائد كاف التحية لمولاه وفارق المكان على عجل، وتحول الملك إلى القائد بيبي، وقال: أيها القائد بيبي، إن قوة جيشنا الأساسية معسكرة في طيبة، فسر بها إلى الشمال، وسألحق بك على رأس قوة من حرسي الأشداء، وإني أدعو الرب أن يثبت جنودي أنهم جديرون بالمهمة الملقاة على عاتقهم، ولا تنس أيها القائد أن تبعث برسول إلى بانوبوليس على حدودنا الشمالية لينبه الحامية إلى الخطر المحدق بها حتى لا تؤخذ على غرة.
فأدى القائد التحية لمولاه ومضى، وجعل الملك يقلب وجهه في وجوه رئيس الوزراء وكبير الكهنة ورئيس الحجاب ثم قال لهم: سيلقى على كواهلكم أيها السادة واجب الدفاع عن مؤخرة جيشنا، فليقم كل منكم بواجبه بما أعهده فيكم من الكفاية والإخلاص.
ناپیژندل شوی مخ